" صفحة رقم ٣١٠ "
والرد : الإرجاع إلى المكان الذي صُدر منه فإنَّ ردهم إلى ديارهم من تمام النعمة على المسلمين بعد نعمة إرسال الريح عليهم لأن رجوعهم أعمل في اطمئنان المسلمين. وعُبر عن الأحزاب بالذين كفروا للإيماء إلى أن كفرهم هو سبب خيبتهم العجيبة الشأن.
والباء في ) بغيظهم ( للملابسة، وهو ظرف مستقرّ في موضع الحال، أي : ردهم مُغِيظين.
وإظهار اسم الجلالة دون ضمير المتكلم للتنبيه على عظم شأن هذا الرد العجيب كما تقدم في قوله تعالى :( ليجزي الله الصادقين بصدقهم ( ( الأحزاب : ٢٤ ).
والغيظ : الحَنق والغضب، وكان غضبهم عظيماً يناسب حال خيبتهم لأنهم تجشموا كلفة التجمّع والإنفاق وطوللِ المكث حول المدينة بلا طائل وخابت آمالهم في فتح المدينة وأكل ثمارها وإفناء المسلمين، وهم يحسبون أنها منازلة أيام قليلة، ثم غاظهم ما لحقهم من النكبة بالريح والانهزام الذي لم يعرفوا سببه.
وجملة ) لم ينالوا خيراً ( حال ثانية. ولك أن تجعل جملة ) لم ينالوا خيراً ( استئنافاً بيانياً لبيان موجب غيظهم.
و ) كفى ( بمعنى أغنى، أي : أراحهم من كلفة القتال بأن صرف الأحزاب. و ) كفى ( بهذا المعنى تتعدى إلى مفعولين يقال : كفيتُك مُهمك وليست هي التي تزاد الباء في مفعولها فتلك بمعنى : حسب.
وفي قوله ) وكفى الله المؤمنين القتال ( حذف مضاف، أي كلفة القتال، أو أرزاء القتال، فإن المؤمنين كانوا يومئذ بحاجة إلى توفير عددهم وعُددهم بعد مصيبة يوم أُحُد ولو التقوا مع جيش المشركين لكانت أرزاؤهم كثيرة ولو انتصروا على المشركين.
والقول في إظهار اسم الجلالة في قوله ) وكفى الله المؤمنين القتال ( كالقول في ) وردّ اللَّه الذين كفروا بغيظهم.


الصفحة التالية
Icon