" صفحة رقم ٦٥ "
( ١٧ ١٨ )
الفاء تقتضي اتصال ما بعدها بما قبلها وهي فاء فصيحة، أو عطف تفريع على ما قبلها وقد كان أول الكلام قوله ) أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق ( ( الروم : ٨ )، والضمير عائد إلى أكثر الناس في قوله ) ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( ( الروم : ٦ ) والمراد بهم الكفار فالتفريع أو الإفصاح ناشىء عن ذلك فيكون المقصود من ) سُبْحانَ الله ( إنشاء تنزيه الله تعالى عما نسبوه إليه من العجز عن إحياء الناس بعد موتهم وإنشاء ثناء عليه.
والخطاب في ) تُمْسُونَ ( و ) تُصْبِحُونَ ( تابع للخطاب الذي قبله في قوله ) ثُمَّ إليهِ تُرْجعون ( ( الروم : ١١ )، وهو موجه إلى المشركين على طريقة الالتفات من ضمائر الغيبة المبتدئة من قوله ) أو لم يتفكروا في أنفسهم ( ( الروم : ٨ ) إلى آخرها كما علمت آنفاً. وهذا هو الأنسب باستعمال مصدر ( سبحان ) في مواقع استعماله في الكلام وفي القرآن مثل قوله تعالى ) سبحانه وتعالى عما يشركون ( ( الزمر : ٦٧ ) وهو الغالب في استعمال مصدر ) سبحان في الكلام إن لم يكن هو المتعين كما تقتضيه أقوال أيمة اللغة. وهذا غير استعمال نحو قوله تعالى فسبِّح بحَمْد ربِّك حِينَ تقُوم ( ( الطور : ٤٨ ) وقول الأعشى في داليته :
وسبّح على حين العشيات والضحى
وقوله ) حين تمْسُون، ( و ) حين تَصبحون ( ( النور : ٥٨ )، و ) عشياً، وحين تظْهرون ( ظروف متعلقة بما في إنشاء التنزيه من معنى الفعل، أي يُنْشأ تنزيه الله في هذه الأوقات وهي الأجزاء التي يتجزأ الزمان إليها، والمقصود التأبيد كما تقول : سبحان الله دَوْماً. وسلك به مسلك الإطناب لأنه مناسب لمقام الثناء. وجوّز بعض المفسرين أن يكون ) سبحان ( هنا مصدراً واقعاً بدلاً عن فعل أمر بالتسبيح كأنه قيل : فسبحوا الله سبحاناً. وعليه يخرج ما روي أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس : هل تجد الصلوات الخمس في القرآن ؟ قال : نعم. وتلا قوله تعالى ) فسُبْحان الله حِينَ تمْسُون وحين تُصْبِحون ( إلى قوله ) وحِينَ


الصفحة التالية
Icon