" صفحة رقم ٧٢ "
ومعنى ) من أنفسكم ( من نوعكم، فجميع الأزواج من نوع الناس، وأما قول تأبط شراً :
وتزوجت في الشبيبة غُولاً
بغزال وصدقتي زِقّ خمر
فمن تكاذيبهم، وكذلك ما يزعمه المشعوذون من التزوج بالجنِّيات وما يزعمه أهل الخرافات والروايات من وجود بنات في البحر وأنها قد يتزوج بعض الإنس ببعضها.
والسكون : هنا مستعار للتأنس وفرح النفس لأن في ذلك زوال اضطراب الوحشة والكمد بالسكون الذي هو زوال اضطراب الجسم كما قالوا : اطمأن إلى كذا وانقطع إلى كذا.
وضمن ) لِتَسْكِنوا ( معنى لتميلوا فعدي بحرف ( إلى ) وإن كان حقه أن يعلق ب ( عند ) ونحوها من الظروف.
والمودة : المحبة، والرحمة : صفة تبعث على حسن المعاملة.
وإنما جعل في ذلك آيات كثيرة باعتبار اشتمال ذلك الخلق على دقائق كثيرة متولد بعضها عن بعض يظهرها التأمل والتدبر بحيث يتجمع منها آيات كثيرة.
واللام في قوله ) لقوم يتفكرون ( معناه شبه التمليك وهو معنى أثبته صاحب ( مغني اللبيب ) ويظهر أنه واسطة بين معنى التمليك ومعنى التعليل. ومثَّله في ( المغني ) بقوله تعالى ) جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ( ( النحل : ٧٢ ) وذكر في المعنى العشرين من معاني اللام أن ابن مالك في ( كافيته ) سماه لام التعدية ولعله يريد تعدية خاصة، ومثله بقوله تعالى ) فهبْ لي من لدنك وليّاً ( ( مريم : ٥ ).
هذه الآية الثالثة وهي آية النظام الأرضي في خلق الأرض بمجموعها وسكانها ؛ فخلقُ السماوات والأرض آية عظيمة مشهودة بما فيها من تصاريف الأجرام