" صفحة رقم ١٤٥ "
بالإِبطال وهي طريقة عضد الدين في كتاب ( المواقف )، وقد كان بعض أشياخنا يحكي انتقاد كثير من أهل العلم طريقته فلذلك خالفها التفتزاني في كتاب ( المقاصد ).
والحق أن الطريقتين جادّتان وقد سُلكتا في القرآن.
ويجوز أن تكون جملة ) ويرى الذين أوتوا العلم ( عطفاً على جملة ) والذين سعوا في آياتنا معاجزين ( ( سبأ : ٥ ) فبعد أن أوردت جملة ) والذين سعوا ( لمقابلة جملة ) ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( ( سبأ : ٤ ) الخ اعتبرت مقصوداً من جهة أخرى فكانت بحاجة إلى رد مضمونها بجملة ) ويرى الذين أوتوا العلم ( للإِشارة إلى أن الذين سعوا في الآيات أهل جهالة فيكون ذكرها بعدها تعقيباً للشبهة بما يبطلها وهي الطريقة الأخرى.
والرؤية علمية. واختير فعل الرؤية هنا دون ( ويعلم ) للتنبيه على أنه علم يقيني بمنزلة العِلم بالمرئيات التي علمها ضروري، ومفعولا ( يرى ) ) الذي أنزل ( و ) الحق ). وضمير ) هو ( فصل يفيد حصر الحق في القرآن حصراً إضافياً، أي لا ما يقوله المشركون مما يعارضون به القرآن، ويجوز أيضاً أن يفيد قصراً حقيقياً ادعائياً، أي قصر الحقِّيَّة المحض عليه لأن غيره من الكتب خلط حقها بباطل.
و ) الذين أوتوا العلم ( فسره بعض المفسرين بأنهم علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى فيكون هذا إخباراً عما في قلوبهم كما في قوله تعالى في شأن الرهبان ) وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق ( ( المائدة : ٨٣ )، فهذا تحدَ للمشركين وتسلية للرسول ( ﷺ ) والمؤمنين وليس احتجاجاً بأهل الكتاب لأنهم لم يعلنوا به ولا آمن أكثرهم، أو هو احتجاج بسكوتهم على إبطاله في أوائل الإسلام قبل أن يدعوهم النبي ( ﷺ ) ويحتج عليهم ببشائر رسلهم وأنبيائهم به فعاند أكثرهم حينئذٍ تبعاً لعامتهم.
وبهذا تتبين أن إرادة علماء أهل الكتاب من هذه الآية لا يقتضي أن تكون نازلة بالمدينة حتى يتوهم الذين توهموا أن هذه الآية مستثناة من مكيات السورة كما تقدم.


الصفحة التالية
Icon