" صفحة رقم ١٥٠ "
بها كل ذيّال
......................
وقد تقدم غير مرة.
والخلق الجديد : الحديث العهد بالوجود، أي في خلق غير الخلق الأول الذي أبلاه الزمان، فجديد فعيل من جَدّ بمعنى قطع. فأصل معنى جديد مقطوع، وأصله وصف للثوب الذي ينسجه الناسج فإذا أتمه قطعه من المنوال. أريد به أنه بحدثان قطعه فصار كناية عن عدم لبسه، ثم شاع ذلك فصار الجديد وصفاً بمعنى الحديث العهد، وتنوسي معنى المفعولية منه فصار وصفاً بمعنى الفاعلية، فيقال : جَدّ الثوب بالرقع، بمعنى : كان حديث عهد بنسج. ويشبه أن يكون ( جد ) اللازم مطاوعاً ل ( جدّه ) المتعدّي كما كان ( جَبر العظمُ ) مطاوعاً ل ( جبر ) كما في قول العجاج :
قد جبر الدينَ الإِله فجَبر
وبهذا يحق الجمع بين قول البصريين الذين اعتبروا جديداً فعيلاً بمعنى فاعل، وقول الكوفيين بأنه فعيل بمعنى مفعول، وعلى هذين الاعتبارين يجوز أن يقال : ملحفة جديد كما قال :( إن رحمة الله قريب ( ( الأعراف : ٥٦ ).
ووصف الخلق الجديد باعتبار أن المصدر بمنزلة اسم الجنس يكون قديماً فهو إذن بمعنى الحاصل بالمصدر، ويكون جديداً فهو بمنزلة اسم الفاعل، فوصف بالجديد ليتمحّض لأحد احتماليه، والظرفية من قوله :( في خلق جديد ( مجازية في قوة التلبس بالخلق الجديد تلبساً كتلبس المظروف بالظرف.
وجملة ) أفترى على الله كذباً أم به جنة ( في موضع صفة ثانية ل ) رجل ( أتوا بها استفهامية لتشريك المخاطبين معهم في ترديد الرجل بين هذين الحالين.
وحذفت همزة فعل ) أفترى ( لأنها همزة وصل فسقطت لأن همزة الاستفهام وُصلت بالفعل فسقطت همزة الوصل في الدرج.
وجعلوا حال الرسول ( ﷺ ) دائراً بين الكذب والجنون بناء على أنه إن كان ما قاله من البعث قاله عن عمد وسلامة عقل فهو في زعمهم مفتر لأنهم يزعمون أن


الصفحة التالية
Icon