" صفحة رقم ١٥٣ "
والمراد ب ) ما بين أيديهم ( ما يستقبله كل أحد منهم من الكائنات السماوية والأرضية، وب ) ما خلفهم ( ما هو وراء كل أحد منهم، فإنهم لو شاءوا لنظروا إليه بأن يلتفتوا إلى ما وراءهم، وذلك مثل أن ينظروا النصف الشمالي من الكرة السماوية في الليل ثم ينظروا النصف الجنوبي منها فيروا كواكب ساطعة بعضها طالع من مشرقه وبعضها هاو إلى مغربه وقمراً مختلف الأشكال باختلاف الأيام، وفي النهار بأن ينظروا إلى الشمس بازغة وآفلة، وما يقارن ذلك من إسفار وأصيل وشفق. وكذلك النظر إلى جبال الأرض وبحارها وأوديتها وما عليها من أنواع الحيوان واختلاف أصنافه.
و ) من ( في قوله :( من السماء والأرض ( تبعيضية.
والسماء والأرض أطلقتا على محوياتهما كما أطلقت القرية على أهلها في قوله :( واسأل القرية ( ( يوسف : ٨٢ ).
وجملة ) إن نشأ نخسف بهم الأرض ( اعتراض بالتهديد فمناسبة التعجيب الإِنكاري بما يذكرهم بقدرة صانع تلك المصنوعات العظيمة على عقاب الذين أشركوا معه غيره والذين ضيقوا واسع قدرته وكذبوا رسوله ( ﷺ ) وما يخطر في عقولهم ذكر الأمم التي أصابها عقاب بشيء من الكائنات الأرضية كالخسف أو السماوية كإسقاط كسف من الأجرام السماوية مثل ما أصاب قارون من الخسف وما أصاب أهل الأيْكة من سقوط الكسف.
وقرأ الكسائي وحده ( نخسبّهم ) بإدغام الفاء في الباء، قال أبو علي : وذلك لا يجوز لأن الباء أضعف في الصوت من الفاء فلا تدغم الفاء في الباء، وإن كانت الباء تدغم في الفاء كقولك : اضرب فلاناً، وهذا كما تدغم الباء في الميم كقولك : اضرب مالكاً، ولا تدغم الميم في الباء كقولك : اضمم بكراً، لأن الباء انحطت عن الميم بفقد الغثة التي في الميم، وهذا رد للرواية بالقياس وهو غصْب.
والكِسف بكسر الكاف وسكون السين في قراءة الجمهور، وهو القطعة من


الصفحة التالية
Icon