" صفحة رقم ١٦٠ "
ولا يقتضي هذا أن يكون عملتُه الجنّ وحدهم بل يقتضي أن منهم عملة، وفي آية النمل ) من الجن والإِنس والطير ).
والزيغ : تجاوز الحد والطريق، والمعنى : من يَعْص أمرنا الجاري على لسان سليمان.
وذِكر الجن في جند سليمان عليه السلام تقدم في سورة النمل.
و ) عذاب السعير ( : عذاب النار تشبيه، أي عذاباً كعذاب السعير، أي كعذاب جهنم، وأما عذاب جهنم فإنما يكون حقيقة يوم الحساب.
و ) يعملون له ما يشاء ( جملة مبينة لجملة ) يعمل بين يديه ( ( سبأ : ١٢ ).
و ) من محاريب ( بيان ل ) ما يشاء ).
والمحاريب : جمع محراب، وهو الحصن الذي يحارب منه العدوُّ والمهاجِم للمدينة، أو لأنه يرمى من شرفاته بالحِراب، ثم أطلق على القصر الحصين. وقد سمَّوْا قصور غُمدان في اليمن محاريبَ غُمدانَ. وهذا المعنى هو المراد في هذه الآية. ثم أطلق المحراب على الذي يُخْتَلَى فيه للعبادة فهو بمنزلة المسجد الخاص، قال تعالى :( فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب وتقدم في سورة آل عمران. وكان لداود محراب يجلس فيه للعبادة قال تعالى : وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب في سورة ص.
وأما إطلاق المحراب على الموضع من المسجد الذي يقف فيه الإِمامُ الذي يؤمّ الناس، يُجعل مثل كوة غير نافذة واصلة إلى أرض المسجد في حائط القبلة يقف الإِمام تحته، فتسمية ذلك محراباً تسمية حديثة ولم أقف على تعيين الزمن الذي ابتدىء فيه إطلاق اسم المحراب على هذا الموقف. واتخاذ المحاريب في المساجد حدث في المائة الثانية، والمظنون أنه حدث في أولها في حياة أنس بن مالك لأنه


الصفحة التالية
Icon