" صفحة رقم ١٧٠ "
جوابي عظيمة يصب فيها الماء الذي يفيض من أعلى السد فيقيمون من ذلك ما يستطيعون من توفير الماء المختزَن.
وكان سدّ مأرب الذي يُحفظ فيه ) سيل العرم ( شَرع في بنائه سبأ أول ملوك هذه الأمة ولم يتمه فأتمه ابنه حِمير. وأما ما يقال من أن بلقيس بنته فذلك اشتباه إذ لعل بلقيس بنت حوله خزانات أخرى فرعية أو رممت بناءه ترميماً أطلق عليه اسم البناء، فقد كانوا يتعهدون تلك السداد بالإِصلاح والترميم كل سنة حتى تبقى تجاه قوة السيول الساقطة فيها.
وكانوا يجعلون للسد منافذ مغلقة يزيلون عنها السَّكْر إذا أرادوا إرسال الماء إلى الجنات على نوبات يرسل عندها الماء إلى الجهات المتفرقة التي تسقى منه إذ جعلوا جناتهم حول السد مجتمعة. وكان يصب في سد مأرب سبعون وادياً.
وجعلوا هذا السد بين جبلين يعرف كلاهما بالبَلَق فهما البلَق الأَيمن والبلق الأَيسر.
وأعظم الأودية التي كانت تَصبّ فيه اسمه ( إذنه ) فقالوا : إن الأودية كانت تأتي إلى سبأ من الشحْر وأودية اليمن.
وهذا السد حائط طُوله من الشرق إلى الغرب ثمانمائة ذراع وارتفاعه بضع عشرة ذراعاً وعرضه مائة وخمسون ذراعاً.
وقد شاهده الحَسَن الهمداني ووصفه في كتابه المسمى ب ( الإِكليل ) وهو من أهل أوائل القرن الرابع بما سمعت حاصله. ووصفه الرحالة ( أرنو ) الفرنسي سنة ١٨٨٣ والرحالة ( غلازر ) الفرنسي.
ولا يعرف وقت انهدام هذا السد ولا أسباب ذلك. والظاهر أن سبب انهدامه اشتغال ملوكهم بحروب داخلية بينهم ألهتهم عن تفقد ترميمه حتى تخرب، أو يكون قد خربه بعض من حاربهم من أعدائهم، وأما ما يذكر في القصص من أن السد خربته الجرذان فذلك من الخرافات.
وفي ) العرم ( قال النابغة الجعدي :
من سَبَإِ الحاضرين مأرب إذ
يبنون من دون سيله العَرِما


الصفحة التالية
Icon