" صفحة رقم ٢٠٩ "
تركتم دينكم ونحو ذلك. والاحتيال لا يقتضي أن المحتَال غيرُ مستحسن الفعل الذي يحتال لتحصيله.
والمعنى : ملازمتهم المكر ليلاً ونهاراً، وهو كناية عن دوام الإِلحاح عليهم في التمسك بالشرك. وإذ تأمروننا ( ظرف لما في ) مكر الليل والنهار ( من معنى ( صدّنا ) أي حين تأمروننا أن نكفر بالله.
والأنداد : جمع نِدّ، وهو المماثل، أي نجعل لله أمثالاً في الإِلهية.
وهذا تطاولٌ من المستضعفين على مستكبريهم لما رأوا قلة غنائهم عنهم واحتقروهم حين علموا كذبهم وبهتانهم.
وقد حكى نظير ذلك في قوله تعالى :( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا الآيتين في سورة البقرة.
).
يجوز أن يكون عطفاً على جملة ) يرجع بعضهم إلى بعض القول ( ( سبأ : ٣١ ) فتكون حالاً. ويجوز أن تعطف على جملة ) إذ الظالمون موقوفون عند ربهم ( ( سبأ : ٣١ ).
وضمير الجمع عائد إلى جميع المذكورين قبلُ وهم الذين استضعفوا والذين استكبروا. والمعنى : أنهم كشف لهم عن العذاب المعدّ لهم، وذلك عقب المحاورة التي جرت بينهم، فعلموا أن ذلك الترامي الواقع بينهم لم يُغن عن أحد من الفريقين شيئاً، فحينئذٍ أيقنوا بالخيبة وندِموا على ما فات منهم في الحياة الدنيا وأسرُّوا الندامة في أنفسهم، وكأنهم أسَرُّوا الندامة استبقاء للطمع في صرف ذلك عنهم أو اتقاء للفضيحة بين أهل الموقف، وقد أعلنوا بها من بعدُ كما في قوله تعالى :( قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها في سورة الأنعام، وقوله : لو أن لي كرة فأكون من المحسنين في سورة الزمر.
وذكر الزمخشري وابن عطية : أن من المفسرين مَن فسّر أسَرّوا ( هنا بمعنى أظهروا، وزعم أن ( أسرّ ) مشترك بين ضدين. فأما الزمخشري فسلمه ولم يتعقبه وقد فسر الزوزني الإِسرار بالمعنيين في قول امرىء القيس :


الصفحة التالية
Icon