" صفحة رقم ٢١٤ "
تلتبس عليهم الأمور فيخلطون بينها ولا يضعون في مواضعها زيْنها وشَيْنها.
وقد أفاد هذا أن حالهم غير دالّ على رضَى الله عنهم ولا على عدمه، وهذا الإِبطال هو ما يسمى في علم المناظرة نقضاً إجمالياً.
وبسط الرزق : تيسيره وتكثيره، استعير له البسط وهو نشر الثوب ونحوِه لأن المبسوط تكثر مساحة انتشاره.
وقَدْر الرزق : عُسر التحصيل عليه وقلة حاصله ؛ استعير له القَدْر، أي التقدير وهو التحديد لأن الشيء القليل يسهل عدّه وحسابه ولذلك قيل في ضده ) يرزق من يشاء بغير حساب ( ( البقرة : ٢١٢ )، ومفعول ) يقدر ( محذوف دل عليه مفعول ) يبسط ). وتقدم نظيره في سورة الرعد.
ومفعول ) يعلمون ( محذوف دل عليه الكلام، أي لا يعلمون أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر باعتبار عموم من يشاء من كونه صالحاً أو طالحاً، ومن انتفاء علمهم بذلك أنهم توهموا بسط الرزق علامة على القرب عند الله، وضده علامة على ضد ذلك. وبهذا أخطأ قول أحمد بن الرواندي :
كم عَاقِللٍ عَاقل أعيتْ مذاهبُه
وجَاهل جَاهل تلقاه مَرزوقا
هذا الذي ترك الأوهام حائرة
وصيَّر العالم النحرير زنديقا
فلو كان عالماً نحريراً لما تحيّر فهمه، وما تزندق من ضيق عطن فكره.
يجوز أن تكون جملة ) وما أموالكم ( عطفاً على جملة ) قل إن ربي يبسط الرزق ( ( سبأ : ٣٦ ) الخ فيكون كلاماً موجهاً من جانب الله تعالى إلى الذين قالوا :( نحن أكثر أموالاً وأولاداً ( ( سبأ : ٣٥ ) فتكون ضمائر الخطاب موجهة إلى الذين قالوا :( نحن أكثر أموالاً وأولاداً ).


الصفحة التالية
Icon