" صفحة رقم ٢١٦ "
الاستثناء منقطعاً، ثم إن كان ما بعد ) إلا ( مفرداً فإن ) إلا ( تقدّر بمعنى ( لكنّ ) أخت ( إنّ ) عند أهل الحجاز فينصبون ما بعدها على توهم اسم ( لكنّ ) وتقدر بمعنى ( لكنْ ) المخففة العاطفة عند بني تميم فيتبع الاسم الذي بعدها إعراب الاسم الذي قبلها وذلك ما أشار إليه سيبويه في باب يختار فيه النصب من أبواب الاستثناء.
فأما إن كان ما بعد ) إلا ( جملة اسمية أو فعلية فإن ) إلا ( تقدر بمعنى ( لكنْ ) المخففة وتجعل الجملة بعدُ استئنافاً، وذلك في نحو قول العرب :( والله لأفعلن كذا إلا حِلُّ ذلك أن أفعل كذا وكذا ) قال سيبويه :( فإن : أَن أفعل كذا، بمنزلة : إلاّ فِعْل كذا، وهو مبني على حِلّ ( أي هو خبر له ). وحِلّ مبتدأ كأنه قال : ولكنْ حِلُّ ذلك أن أفعل كذا وكذا ) ا هـ.
قال ابن مالك في ( شرح التسهيل ) : وتقرير الإِخراج في هذا أن تجعل قولهم : إلا حلُّ ذلك، بمنزلة : لا أرى لهذا العَقد مبطِلاً إلا فِعْلَ كذا. وجعل ابن خروف من هذا القبيل قوله تعالى :( لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه اللَّه العذاب الأكبر ( ( الغاشية : ٢٢ ٢٤ ) على أن يكون ) مَن ( مبتدأ و ( يعذبه الله ) الخبر ودخل الفاء لتضمين المبتدأ معنى الجزاء. وقال أبو يَسعود : إن ) إلاّ ( في الاستثناء المنقطع يكون ما بعدها كلاماً مستأنفاً ا هـ.
وعلى هذا فقوله تعالى هنا :( إلا من آمن وعمل صالحاً ( تقديره : لكن من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضعف، فيكون ) مَن ( مبتدأ مضمَّناً معنى الشرط و ) لهم جزاء الضعف ( جملة خبر عن المبتدأ وزيدت الفاء في الخبر لتضمين المبتدأ معنى الشرط.
وأسهل من هذا أن نجعل ) مَن ( شرطية وجملة ) فأولئك لهم جزاء الضعف ( جواب الشرط، واقترن بالفاء لأنه جملة اسمية. وهذا تحقيق لمعنى الاستثناء المنقطع وتفسير للآية بدون تكلف ولا تردد في النظم.