" صفحة رقم ٢٤٢ "
عند الفَزَع وتَقِلُّون عند الطمع ). وهذا الفزع عند البعث يشعر بأنهم كانوا غير مهيِّئين لهذا الوقت أسبابَ النجاة من هوله.
والأخذ : حقيقته التناول وهو هنا مجاز في الغلب والتمكن بهم كقوله تعالى :( فأخذهم أخذة رابية ( ( الحاقة : ١٠ ). والمعنى : أُمسِكُوا وقَبض عليهم لملاقاة ما أعد لهم من العقاب.
وجملة ) فلا فوت ( معترضة بين المتعاطفات. والفوت : التفلت والخلاص من العقاب، قال رويشد الطائي :
إن تذنبوا ثم تأتيني بقيتكم
مما علي بذنب منكم فوت
أي إذا أذنبتم فجاءت جماعة منكم معتذرين فذلك لا يدفع عنكم جزاءكم على ذنبكم.
وفي ( الكشاف ) :( ولو، وإذْ، والأفعال التي هي فَزِعوا، وأُخذوا، وحيل بينهم، كلها للمضيّ، والمراد بها الاستقبال لأن ما الله فاعله في المستقبل بمنزلة ما كان ووُجد لتحققه ) ا هـ. ويزداد عليها فعل ) وقالوا ).
والمكان القريب : المحشر، أي أخذوا منه إلى النار، فاستغني بذكر ) مِن ( الابتدائية عن ذكر الغاية لأن كل مبدأ له غاية، ومعنى قرب المكان أنه قريب إلى جهنم بحيث لا يجدون مهلة لتأخير العذاب.
وليس بين كلمتي ) قريب ( هنا والذي في قوله :( إنه سميع قريب ( ( سبأ : ٥٠ ) ما يشبه الإِيطاء في الفواصل لاختلاف الكلمتين بالحقيقة والمجاز فصار في الجمع بينهما محسِّن الجناس التام.
وعطف ) وقالوا ( على ) وأخذوا ( أي يقولون حينئذٍ : آمنّا به.
وضمير ) به ( للوعيد أو ليوم البعث أو للنبيء ( ﷺ ) أو القرآن، إذا كان الضمير مَحكياً من كلامهم لأن جميع ما يصحّ مَعاداً للضمير مشاهد لهم وللملائكة، فأُجملوا فيما يراد الإِيمان به لأنهم ضاق عليهم الوقت فاستعجلوه بما يحسبونه مُنجياً لهم من العذاب، وإن كان الضمير من الحكاية فهو عائد إلى الحق من قوله :( قل إن ربي يقذف بالحق ( ( سبأ : ٤٨ ) لأن الحقّ يتضمن ذلك كله.