بالرسالة فهو تأنيس للنبيء صلى الله عليه وسلّم وتعريض بالمشركين، فالتأكيد بالنسبة إليه زيادةُ تقرير وبالنسبة للمعنى الكنائي لرد إنكارهم، والنكت لا تتزاحم.
﴿عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ خبر ثان لـ (إنّ)، أو حال من اسم (إنّ). والمقصود منه: الإِيقاظ إلى عظمة شريعته بعد إثبات أنه مرسل كغيره من الرسل.
و﴿عَلَى ﴾ للاستعلاء المجازي الذي هو بمعنى التمكُّن كما تقدم في قوله: ﴿أُوالَـا اـاِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ﴾ في سورة البقرة. وليس الغرض من الإِخبار به عن المخاطب إفادة كونه على صراط مستقيم لأن ذلك معلوم حصوله من الأخبار من كونه أحد المرسلين. فقد علم أن المراد من المرسلين المرسلون من عند الله، ولكن الغرض الجمع بين حال الرسول عليه الصلاة والسلام وبين حال دينه ليكون العِلم بأن دينه صراط مستقيم عِلماً مُستقلاً لا ضِمنياً.
والصراط المستقيم: الهدى الموصل إلى الفوز في الآخرة، وهو الدين الذي بعث به النبي، والخُلُق الذي لَقنه الله، شبه بطريق مستقيم لا اعوجاج فيه في أنه موثوق به في الإِيصال إلى المقصود دون أن يتردد السائر فيه.
فالإِسلام فيه الهدى في الحياتين فمتَّبِعه كالسائر في صراط مستقيم لا حيرة في سيره تعتريه حتى يبلغ المكان المراد.
والقرآن حاوي الدين فكان القرآن من الصراط المستقيم.
وتنكير ﴿صِرَاطَ﴾ للتوصل إلى تعظيمه.
راجع إلى ﴿وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ﴾ (يس: ٢) إذ هو المنزل من عند الله، فبعد أن استوفى القسم جوابه رجع الكلام إلى بعض المقصود من القسم وهو تشريف المقسم به فوسم بأنه ﴿تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾.
وقد قرأه الجمهور بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف للعلم به، وهذا من مواقع
٣٤٦


الصفحة التالية
Icon