والإِغشاء: وضع الغشاء. وهو ما يغطي الشيء. والمراد: أغشينا أبصارهم، ففي الكلام حذف مضاف دلّ عليه السياق وأكّده التفريع بقوله: ﴿فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾. وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي لإِفادة تقوي الحكم، أي تحقيق عدم إبصارهم.
عطف على جملة ﴿لا يُبْصِرُونَ﴾ (يس: ٩)، أي إنذارَك وعدمه سواء بالنسبة إليهم، فحرف (على) معناه الاستعلاء المجازي وهو هنا الملابسة، متعلق بـ﴿سَوَآءٌ ﴾ الدال على معنى (استوى)، وتقدم نظيرها في أول سورة البقرة.
وهمزة التسوية أصلها الاستفهام ثم استعملت في التسوية على سبيل المجاز المرسل، وشاع ذلك حتى عدّت التسوية من معاني الهمزة لكثرة استعمالها في ذلك مع كلمة سواء وهي تفيد المصدرية. ولما استعملت الهمزة في معنى التسوية استعملت ﴿أَمْ﴾ في معنى الواو، وقد جاء على الاستعمال الحقيقي قول بُثيْنة:
سواء علينا يا جميلُ بن مَعمر
إذَا مِتَّ بأساءُ الحياةِ ولينُها
وجملة ﴿لا يُؤْمِنُونَ﴾ مبيّنة استواء الإِنذار وعدمِه بالنسبة إليهم.
لما تضمن قوله: ﴿وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ﴾ (يس: ١٠) أن الإِنذار في جانب الذين حق عليهم القول أنهم لا يؤمنون هو وعدمه سواء وكان ذلك قد يُوهم انتفاء الجدوى من الغير وبعض من فضل أهل الإِيمان أعقب ببيان جدوى الإِنذار بالنسبة لمن اتبع الذكر وخشي الرحمان بالغيب.
و﴿الذِّكْرَ﴾ القرآن.
والاتّباع: حقيقته الاقتفاء والسَّيْر وراء سائر، وهو هنا مستعار للإِقبال على
٣٥٢


الصفحة التالية
Icon