المثل لهم وللرسول صلى الله عليه وسلّم فيطمعوا فيه أنهم يقتلون الرسول صلى الله عليه وسلّم فهذه الكناية لا يفهمها إلا أهل الإِسلام الذين تقرر عندهم التلازم بين الشهادة في سبيل الله ودخول الجنة، أما المشركون فيحسبون أن ذلك في الآخرة. وقد تكون في الكلام البليغ خصائص يختص بنفعها بعض السامعين.
وجملة ﴿قَالَ يَـالَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ﴾ مستأنفة أيضاً استئنافاً بيانياً لأن السامع يترقب ماذا قال حين غمره الفرح بدخول الجنة. والمعنى: أنه لم يُلهِه دخوله الجنة عن حال قومه، فتمنى أن يعلموا ماذا لقي من ربه ليعلموا فضيلة الإِيمان فيؤمنوا وما تمنّى هلاكهم ولا الشماتة بهم فكان متّسِماً بكظم الغيظ وبالحلم على أهل الجهل، وذلك لأن عالم الحقائق لا تتوجه فيه النفس إلا إلى الصلاح المحض ولا قيمة للحظوظ الدنية وسفساف الأمور.
وأدخلت الباء على مفعول ﴿يَعْلَمُونَ﴾ لتضمينه معنى: يُخبَرون، لأنه لا مطمع في أن يحصل لهم علم ذلك بالنظر والاستدلال.
و(ما) من قوله: ﴿بِمَا غَفَرَ لِى رَبِّى﴾ مصدرية، أي يعلمون بغفران ربي وجعله إياي من المكرمين.
والمراد بالمكرمين: الذين تلحقهم كرامة الله تعالى وهم الملائكة والأنبياء وأفضل الصالحين قال تعالى: ﴿بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ (الأنبياء: ٢٦) يعني الملائكة وعيسى عليهم السلام.
٣٧١


الصفحة التالية
Icon