" صفحة رقم ١٠٦ "
وفرعوا على مضمون ردهم عليهم من قولهم :( بل لم تكونوا مؤمنين ( إلى ) قوماً طاغِينَ ( قولهم :( فأغْوَيْناكُمْ (، أي ما أكرهناكم على الشرك ولكنّا وجدناكم متمسكين به وراغبين فيه فأغويناكم، أي فأيدناكم في غوايتكم لأنّا كنّا غاوين فسوّلنا لكم ما اخترناه لأنفسنا فموقع جملة ) إنَّا كُنَّا غاوِينَ ( موقع العلة.
و ( إن ) مغنية غناء لام التعليل وفاء التفريع كما ذكرناه غير مرة.
وزيادة ) كنّا ( للدلالة على تمكين الغواية من نفوسهم، وقد استبان لهم أن ما كانوا عليه غواية فأقرّوا بها، وقد قدمنا عند قوله تعالى في سورة المؤمنين :( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون أن تساؤلهم المنفي هنالك هو طلب بعضهم مِن بعض النجدة والنصرة وأن تساؤلهم هنا تساؤل عن أسباب ورطتهم فلا تعارض بين الآيتين.
( ٣٣ ٣٤ ) (
هذا الكلام من الله تعالى موجه إلى النبي ( ﷺ ) والمؤمنين، ويشبه أن يكون اعتراضاً بين حكاية حِوار الله أهل الشرك في القيامة وبين توبيخ الله إياهم بقوله :( إنَّكم لذائِقُوا العذَاببِ الأليمِ ( ( الصافات : ٣٨ ).
والفاء للفصيحة لأنها وردت بعد تقرير أحوال وكان ما بعد الفاء نتيجة لتلك الأحوال فكانت الفاء مفصحة عن شرط مقدّر، أي إذا كان حالهم كما سمعتم فإنهم يوم القيامة في العذاب مشتركون لاشتراكهم في الشرك وتمالئهم، أي لا عذر للكلام للفريقين لا للزعماء بتسويلهم ولا للدهماء بنصرهم. وقد يكون عذاب الدعاة المغوين أشدّ من عذاب الآخرين وذلك لا ينافي الاشتراك في جنس العذاب كما دلت عليه أدلة أخرى، لأن المقصود هنا بيان عدم إجداء معذرة كلا الفريقين وتنصّله. وهذه الجملة معترضة بين جمل حكاية موقفهم في الحساب.
وجملة ) إنَّا كذلك نفعل بالمجرمين ( تعليل لما اقتضته جملة ) فإنَّهم يومئذٍ في


الصفحة التالية
Icon