" صفحة رقم ١١٤ "
وهو نكرة بعد ) لا ( النافية أفاد انتفاء هذا الجنس من أصله، ووجب رفعه لوقوع الفصل بينه وبين حرف النفي بالخبر.
وجملة ) ولا هم عنها يُنزفون ( معطوفة على جملة ) لا فيها غَوْلٌ.
وقدّم المسند عليه على المسند، والمسند فعل ليفيد التقديم تخصيص المسند إليه بالخبر الفعلي، أي بخلاف شاربي الخمر من أهل الدنيا.
و يُنزَفُونَ ( مبني للمجهول في قراءة الجمهور يقال : نُزف الشارب، بالبناء للمجهول إذا كان مجرداً ( ولا يُبنى للمعلوم ) فهو منزوف ونزيف، شبهوا عقل الشارب بالدم يقال : نُزف دمُ الجريح، أي أُفرغ. وأصله من : نَزفَ الرجُلُ مَاءَ البئر متعدياً، إذا نَزحه ولم يُبق منه شيئاً. وقرأه حمزة والكسائي وخلف ) يُنزِفُونَ ( بضم اليَاء وكسر الزاي من أُنزف الشاربُ، إذا ذهب عقله، أي صار ذَا نَزَف، فالهمزة للصيرورة لا للتعدية.
و ) قاصِراتُ الطَّرْفِ ( أي حابسات أنظارهن حياء وغَنجاً. والطرف : العين، وهو مفرد لا جمع له من لفظه لأن أصل الطرف مصدر : طَرَفَ بعينه من باب ضَرب، إذا حرّك جفنيه، فسُميّت العين طرفاً، فالطرف هنا الأعين، أي قاصرات الأعين، وتقدم عند قوله تعالى :( لا يرتد إليهم طرفهم في سورة إبراهيم (، وقوله :( قبل أن يرتد إليك طرفك في سورة النمل ).
وذكر ( عند ) لإِفادة أنهن ملابسات لهم في مجالسهم التي تُدار عليهم فيها كأس الجنة، وكان حضور الجواري مجالس الشراب من مكملات الأنس والطرب عند سادة العرب، قال طرفة :
نَداماي بيض كالنجوم وقَينة
تروحُ علينا بين برد ومِجْسَد
و ) عِينٌ ( جمع : عَيْنَاء، وهي المرأة الواسعة العين النجلاوتها.
والبَيْض المكنون : هو بيض النعام، والنعام يُكنّ بيضَه في حُفر في الرمل ويفرش لها من دقيق ريشه، وتسمى تلك الحُفر : الأَداحِيَّ، واحدتها أُدّحية بوزن أُثفية. فيكون البَيض شديد لمعان اللون وهو أبيض مشوب بياضه بصفرة


الصفحة التالية
Icon