" صفحة رقم ١١٦ "
وجملة ) قَالَ قائِلٌ مِنهم ( بدل اشتمال من جملة ) يَتَسَاءَلُونَ، ( أي قال أحدهم في جواب سؤال بعضهم، فإن معنى التساؤل يشتمل على معنى الجواب فلذلك جعلناه بدل اشتمال لا بدل بعض ولا عطف بيان، والقرين مراد به الجنس، فإن هذا القول من شأنه أن يقوله كثير من خلطاء المشركين قبل أن يُسْلموا.
والقرين : المصاحب الملازم شبهت الملازمة الغالبة بالقرْن بين شيئين بحيث لا ينفصلان، أي يقول له صاحبه لما أَسلم وبقي صاحبه على الكفر يجادله في الإِسلام ويحاول تشكيكه في صحته رجاء أن يرجع به إلى الكفر كما قال سعيد بن زيد :( لقد رأيتُني وأنَّ عُمر لمُوثقي على الإِسلام ) أي جاعلني في وثاق لأجل أني أسلمت، وكان سعيد صهر عُمر زوْجَ أخته.
والاستفهام في ) أإِنَّكَ لَمِنَ المُصَدِقينَ ( مستعمل في الإِنكار، أي ما كان يحق لك أن تصدّق بهذا، وسلط الاستفهام على حرف التوكيد لإِفادة أنه بلغه تأكُّد إسلام قرينه فجاء ينكر عليه ما تحقق عنده، أي أن إنكاره إسلامه بعدَ تحقق خبره، ولولا أنه تحققه لما ظنّ به ذلك. والمصدّق هو : الموقن بالخبر.
وجملة ) أإِذَا مِتْنَا ( بيان لجملة ) أإِنَّكَ لمن المُصَدقين ( بينت الإِنكار المجمل بإنكار مفصل وهو إنكار أن يبعث الناس بعد تفرق أجزائهم وتحوُّلها تراباً بعد الموت ثم يجازَوا.
وجملة ) إنَّا لمَدِينُون ( جواب ) إذا ). وقرنت بحرف التوكيد للوجه الذي علمته في قوله :( أإِنَّكَ لمِنَ المُصَدقين.
والمدين : المجازَى يقال : دانه يدينه، إذا جازاه، والأكثر استعماله في الجزاء على السوء، والدين : الجزاء كما في سورة الفاتحة. وقيل هنا أإِنا لمَدِينون ( وفي أول السورة ) إنَّا لمَبْعُوثون ( ( الصافات : ١٦ ) لاختلاف القائلين.
وقرأ الجميع ) أإنك ( بهمزتين. وقرأ من عدا ابن عامر ) أإذَا مِتْنَا ( بهمزتين وابن عامر بهمزة واحدة وهي همزة ) إذا ( اكتفاء بهمزة ) أإنا لمدينون ( في


الصفحة التالية
Icon