" صفحة رقم ١٢٢ "
ويجوز أن يراد به مكان النزول على تقدير مضاف في قوله :( أمْ شجرة الزقوم ( بتقدير : أم مكان شجرة الزقوم.
وعلى الوجهين فانتصاب ) نُزُلاً ( على الحال من اسم الإِشارة ومتوجه الإِشارة بقوله :( ذلك ( إلى ما يناسب الوجهين مما تقدم من قوله :( رزق معلومٌ فواكِه وهم مُكْرَمُونَ في جَنَّاتتِ النَّعِيم ( ( الصافات : ٤١ ٤٣ ).
ويجري على الوجهين معنى معادل الاستفهام فيكون إمّا أن تُقدّر : أم منزلُ شجرة الزقوم على حدّ قوله تعالى :( أي الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً ( ( مريم : ٧٣ ) فقد ذَكَر مكانين، وإما أن نقدر : أم نزل شجرة الزقوم، وعلى هذا الوجه الثاني تَكون المعادلة مشاكَلة تهكماً لأن طعام شجرة الزقوم لا يحق له أن يسمى نزلاً.
وشجرة الزقوم ذكرت هنا ذِكر ما هو معهود من قبلُ لورودها معرِفة بالإِضافة ولوقوعها في مقام التفاوت بين حالي خير وشر فيناسب أن تكون الحوالة على مِثلين معروفين، فأما أن يكون اسماً جعله القرآن لشجرة في جهنم ويكون سبق ذكرها في ) ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم في سورة الواقعة ( ( ٥١ ٥٢ )، وكان نزولها قبل نزول سورة الصافات. ويبين هذا ما رواه الكلبي أنه لما نزلت هذه الآية ( أي آية سورة الواقعة ) قال ابن الزِّبَعْرَى : أكثر الله في بيوتكم الزقوم، فإن أهل اليمن يسمّون التمر والزبد بالزقوم. فقال أبو جهل لجاريته : زقمينا فأتته بزُبد وتمر فقال : تزقموا.
وعن ابن سيده : بلغنا أنه لما نزلت :( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ( أي في سورة الدخان ( ( ٤٣ ٤٤ ) ) لم يعرفها قريش. فقال أبو جهل : يا جارية هاتي لنا تمراً وزبداً نزدقمه، فجعلوا يأكلون ويقولون : أفبهاذا يخوفنا محمد في الآخرة ا. هـ. والمناسب أن يكون قولهم هذا عندما سمعوا آية سورة الواقعة لا آية سورة الدخان وقد جاءت فيها نكرة. وإمّا أن يكون اسماً لشجر معروف هو مذموم، قيل : هو شجر من أخبث الشجر يكون بتهامة وبالبلاد المجدبة المجاورة للصحراء كريهة الرائحة صغيرة الورق مسمومة ذات لبن إذا أصاب جلد الإِنسان تورّم ومات منه في الغالب. قاله قطرب وأبو حنيفة.


الصفحة التالية
Icon