" صفحة رقم ١٧٩ "
( ١٤٧ ١٤٨ )
ظاهر ترتيب ذكر الإِرسال بعد الإِنجاء من الحوت أنه إعادة لإِرساله. وهذا هو مقتضى ما في كتاب يونس من كتب اليهود إذ وقع في الإِصحاح الثالث : ثم صار قول الرب إلى يونس ثانية : قم اذهب إلى نينوَى وناد لها المناداة التي أنا مكلمك بها.
والمرسل إليهم : اليهود القاطنون في نينوَى في أسر الأشوريين كما تقدم. والظاهر أن الرسول إذا بعث إلى قوم مختلطين بغيرهم أن تعم رسالته جميع الخليط لأن في تمييز البعض بالدعوة تقريراً لكفر غيرهم. ولهذا لما بعث الله موسى عليه السلام لتخليص بني إسرائيل دعا فرعون وقومه إلى نبذ عبادة الأصنام، فيحتمل أن المقدرين بمائة ألف هم اليهود وأن المعطوفين بقوله :( أوْ يَزِيدُونَ ( هم بقية سكان ( نينوَى ). وذكر في كتاب يونس أن دعوة يونس لمّا بلغت ملكَ نينوَى قام عن كرسيه وخلع رداءه ولبس مِسحاً وأمر أهل مدينته بالتوبة والإِيمان الخ. ولم يذكر أن يونس دعا غير أهل نينوَى من بلاد أشور مع سعتها.
وروى الترمذي عن أُبيّ بن كعب قال : سألت رسول الله ( ﷺ ) عن قول الله تعالى :( وأرسلناهُ إلى مائة ألففٍ أو يَزِيدونَ ( قال :( عشرون ألفاً ). قال الترمذي : حديث غريب.
فحرف ) أو ( في قوله :( أوْ يزيدونَ ( بمعنى ( بل ) على قول الكوفيين واختيار الفراء وأبي علي الفارسي وابن جنّي وابن بَرْهان. واستشهدوا بقول جرير :
ماذا ترى في عيال قد برَمْت بهم
لم أُحصصِ عدتهم إلا بعَدَّاد
كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية
لولا رجاؤك قد قَتَّلْتُ أولادي
والبصريون لا يجيزون ذلك إلا بشرطين أن يتقدمها نفي أو نهي وأن يعاد


الصفحة التالية
Icon