" صفحة رقم ١٨٨ "
أتبعت حكاية قولهم الباطللِ والوعيدِ عليه باعتراض بين المستثنى منه والمستثنى يتضمن إنشاء تنزيه الله تعالى عما نسبوه إليه، فهو إنشاء من جانب الله تعالى لتنزيهه، وتلقينٌ للمؤمنين بأن يقتدوا بالله في ذلك التنزيه، وتعجيب من فظيع ما نسبوه إليه.
اعتراض بين جملة ) سبحان الله عمَّا يصفون ( ( الصافات : ١٥٩ ) وجملة ) فإنكم وما تعبدون ( ( الصافات : ١٦١ ) الآية، والاستثناء منقطع، قيل نشأ عن قولهم :( إنهم لمُحضرونَ ( ( الصافات : ١٥٨ ) والمعنى لكن عباد الله المخلصين لا يُحضَرون، وقيل نشأ عن قوله :( عمَّا يَصفونَ ( ( الصافات : ١٥٩ ) أي لكن عباد الله المخلصين لا يَصفونه بذلك، وقيل من ضمير ) وجعلوا ( ( الصافات : ١٥٨ ) أي لكن عباد الله المخلصين لا يجعلون ذلك. وهو من معنى القول الثاني، فالمراد بالعباد المخلصين المؤمنون.
والوجه عندي : أن يكون استثناءً منقطعاً نشأ عن قوله :( سبحانَ الله عمَّا يصفونَ ( ( الصافات : ١٥٩ ) فهو مرتبط به لأن ( ما يصفون ) أفاد أنهم يصفون الله بأن الملائكة بناته كما دل عليه قوله :( ألربك البنات ( ( الصافات : ١٤٩ ). والمعنى : لكن الملائكة عباد الله المخلصين، فالمراد من ) عباد الله المخلصين ( الملائكة فهذه الآية في معنى قوله :( وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون ( ( الأنبياء : ٢٦ ).
( ١٦١ ١٦٣ )
عُقب قولهم في الملائكة والجن بهذا لأن قولهم ذلك دعاهم إلى عبادة الجن وعبادة الأصنام التي سوّلها لهم الشيطان وحرّضهم عليها الكهانُ خدَمَةُ الجنّ