" صفحة رقم ٢٠٣ "
وذكر أول غواية حصلت وأصل كل ضلالة وهي غواية الشيطان في قصة السجود لآدم.
وقد جاءت فاتحتها مناسبة لجميع أغراضها إذْ ابتدئت بالقَسم بالقرآن الذي كذب به المشركون، وجاء المقسم عليه أن الذين كفروا في عزّة وشقاق وكل ما ذكر فيها من أحوال المكذبين سببه اعتزازهم وشقاقهم، ومن أحوال المؤمنين سببه ضد ذلك، مع ما في الافتتاح بالقسم من التشويق إلى ما بعده فكانت فاتحتها مستكملة خصائص حسن الابتداء.
القول في هذا الحرف كالقول في نظائره من الحروف المقطعة الواقعة في أوائل بعض السور بدون فرق أنها مقصودة للتهجِّي تحدِّياً لبلغاء العرب أن يأتوا بمثل هذا القرآن وتورُّكاً عليهم إذ عجزوا عنه واتفق أهل العدّ على أن ) ص ( ليس بآية مستقلة بل هي في مبدأ آية إلى قوله :( ذِي الذِّكرِ ( وإنما لم تعد ) ص ( آية لأنها حرف واحد كما لم يعد ) ق ( ( ق : ١ ) و ) ن ( القلم : ١ ) آية.
).
الواو للقسم أقسم بالقرآن قسَم تنويه به. ووصف ب ) ذِي الذِّكر ( لأن ) ذي ( تضاف إلى الأشياء الرفيعة فتجري على متصف مقصود التنويه به.
و ) الذكر ( : التذكير، أي تذكير الناس بما هم عنه غافلون. ويجوز أن يراد بالذكر ذكر اللسان وهو على معنى : الذي يُذكر، بالبناء للنائب، أي والقرآن المذكور، أي الممدوح المستحِق الثناء على أحد التفسيرين في قوله تعالى :( لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم ( ( الأنبياء : ١٠ ) أي شرفكم.
وقد تردد المفسرون في تعيين جواب القسم على أقوال سبعة أو ثمانية وأحسن ما قيل فيه هنا أحد وجهين : أولهما أن يكون محذوفاً دلّ عليه حرف ) ص ( فإن المقصود