" صفحة رقم ٢١٠ "
وجَعلوا حالهُ سحراً وكذباً لأنهم لما لم تقبَل عقولهم ما كلمهم به زعموا ما لا يفهمون منه مثل كون الإِلاه واحداً أو كونه يعيد الموتى أحياء سحراً إذ كانوا يألفون من السحر أقوالاً غير مفهومة كما تقدم عند قوله تعالى :( يعلمون الناس السحر في سورة البقرة ). وزعموا ما يفهمونه ويحيلونه مثل ادعاء الرسالة عن الله كذباً. وبينوا ذلك بجملتين : إحداهما ) أجعل الآلهة إلاهاً واحداً (، والثانية جملة ) أءُنزلَ عليه الذكر من بيننا ( ( ص : ٨ ).
فجملة ) أجَعَلَ الآلهة إلهاً واحداً ( بيان لجملة ) هاذَا ساحِرٌ كَذَّابٌ (، أي حيث عدوه مباهتاً لهم بقلب الحقائق والأخبار بخلاف الواقع.
والهمزة للاستفهام الإِنكاري التعجيبي ولذلك أتبعوه بما هو كالعلة لقولهم :( ساحر ( وهو ) إنَّ هذا لشيء عجاب ( أي يتعجب منه كما يتعجب من شعوذة الساحر.
و ) عُجاب ( : وصف الشيء الذي يتعجب منه كثيراً لأن وزن فُعال بضم أوله يدل على تمكن الوصف مثل : طُوال، بمعنى المفرط في الطول، وكُرام بمعنى الكثير الكرم، فهو أبلغ من كريم، وقد ابتدأوا الإِنكار بأول أصل من أصول كفرهم فإن أصول كفرهم ثلاثة : الإِشراكُ، وتكذيب الرسول ( ﷺ ) وإنكار البعث، والجزاءِ في الآخرة.
( ٦ ٧ )
الانطلاق حقيقته : الانصراف والمشي، ويستعمل استعمال أفعال الشروع لأن الشارع ينطلق إليه، ونظيره في ذلك : ذَهب بفعل كذا، كما في قول النبهاني :
فإن كنتَ سيِّدنَا سدْتَنا
وإن كنت للخال فاذْهب فَخلْ


الصفحة التالية
Icon