" صفحة رقم ٢٢١ "
وهذا القول هو الذي يتأيّد بمطابقة التاريخ فإن فرعون المعنيّ في هذه الآية هو ( منفتاح الثاني ) الذي خرج بنو إسرائيل من مصر في زمنه وهو من ملوك العائلة التاسعة عشرة في ترتيب الأُسَر التي تداولت ملك مصر، وكانت هذه العائلة مشتهرة بوفرة المباني التي بناها ملوكها من معابد ومقابر وكانت مدة حكمهم مائة وأربعاً وسبعين سنة من سنة قبل المسيح إلى سنة ق. م.
وقال الأستاذ محمد عبده في ( تفسيره ) للجزء الثلاثين من القرآن في سورة الفجر : وما أجمل التعبير عما ترك المصريون من الأبنية الباقية بالأوتاد فإنها هي الأهرام ومنظرها في عين الرائي مَنظر الوتد الضخم المغروز في الأرض ا. هـ. وأكثر الأهرام بنيت قبل زمن فرعون موسى منفتاح الثاني فكان منفتاح هذا مالك تلك الأهرام فإنه يفتخر بعظمتها وليس يفيد قوله :( ذُو الأوْتَادِ ( أكثر من هذا المعنى إذ لا يلزم أن يكون هو الباني تلك الأهرام. وذلك كما يقال : ذو النيل، وقال تعالى حكاية عنه :( وهذه الأنهار تجري من تحتي ( ( الزخرف : ٥١ ).
وأما ) ثمود وقوم لوط ( فتقدم الكلام عليهم غير مَرة. و ) أصحاب لَيكة ( : هم أهل مدين، وقد تقدم خبرهم وتحقيق أنهم من قوم شعيب وأنهم مختلطون مع مدين في سورة الشعراء.
وتقديم ذكر فرعون على ثمود وقوم لوط وأصحاب ليكة مع أن قصته حدثت بعد قصصهم لأن حالهُ مع موسى أشبه بحال زعماء أهل الشرك بمكة من أحوال الأمم الأخرى فإنه قاوم موس بجيش كما قاوم المشركون المسلمين بجيوش.
وجملة ) أُولائِكَ الأحزابُ ( معترضة بين جملة ) كذبت قبلهم ( وجملة ) إن كلٌّ إلاَّ كذَّبَ الرُّسلَ ). واسم الإِشارة مستعمل في التعظيم، أي تعظيم القوة.
والتعريف في ) الأحزاب ( استغراق ادعائي وهو المسمى بالدلالة على معنى الكمال مثل : هُمُ القوم وأنت الرجلُ. والحصر المستفاد من تعريف المسند والمسند إليه حصر ادعائي، قُصرت صفة


الصفحة التالية
Icon