" صفحة رقم ٢٣١ "
والاستفهام مستعمل في التعجيب أو في البحث على العلم فإن كانت القصة معلومة للنبيء ( ﷺ ) كان الاستفهام مستعملاً في التعجيب وإن كان هذا أول عهده بعلمها كان الاستفهام للحث مثل ) هل أتاكَ حديثُ الغاشِيَةِ ( ( الغاشية : ١ ). والخطاب يجوز أن يكون لكل سامع والوجهان الأولان قائمان. والنبأ : الخبر.
والتعريف في ) الخَصْمِ ( للعهد الذهني، أي عهد فرد غير معيّن من جنسه أي نبأ خصم معيّن هذا خبره، وهذا مثل التعريف في : ادخل السوق. والخصام والاختصام : المجادلة والتداعي، وتقدم في قوله :( هذان خصمان في سورة الحج ).
و ) الخصم ( : اسم يطلق على الواحد وأكثر، وأريد به هنا خصمان لقوله بعده ) خَصْمَانِ ). وتسميتهما بالخصم مجاز بعلاقة الصورة وهي من علاقة المشابهة في الذات لا في صفة من صفات الذات، وعادة علماء البيان أن يمثلوها بقول القائل إذَا رأى صورة أسد : هذا أَسد.
وضمير الجمع مراد به المثنى، والمعنى : إذ تسورا المحراب، والعرب يعدلون عن صيغة التثنية إلى صيغة الجمع إذا كانت هناك قرينة لأن في صيغة التثنية ثقلاً لنْدرة استعمالها، قال تعالى :( فقد صغت قلوبكما ( ( التحريم : ٤ ) أي قلباكما.
و ) إذْ تَسَوَّرُوا ( إذا جعلت ) إذ ( ظرفاً للزمن الماضي فهو متعلق بمحذوف دل عليه ) الخَصم (، والتقدير : تحاكم الخصم حين تَسوروا المحراب لداود.
ولا يستقيم تعلقه بفعل ) أتاكَ ( ولا ب ) نَبَأ ( لأن النبأ الموقت بزمننِ تسوّر الخصم محراب داود لا يأتي النبي ( ﷺ )
ولك أن تجعل ) إذ ( اسماً للزمن الماضي مجرداً عن الظرفية وتجعله بدل اشتمال من ) الخصم ( لما في قوله تعالى :( واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها ( ( مريم : ١٦ )، فالخصم مشتمل على زمن تسورهم المحراب، وخروج ) إذ ( عن الظرفية لا يختص بوقوعها مفعولاً به بل المراد أنه يتصرف فيكون ظرفاً وغير ظرف.


الصفحة التالية
Icon