" صفحة رقم ٣٢٧ "
وقال ابن عطية : معنى اتخاذ الولد اتخاذ التشريف والتبنّي وعلى هذا يستقيم قوله :( لاصْطَفَى ( وأما الاتخاذ المعهود في الشاهد ( يعني اتخاذ النسل ) فمستحيل أن يتوهم في جهة الله ولا يستقيم عليه قوله :( لاصْطَفَى ). ومما يدل على أن معنى أن يتخذ الاصطفاء والتبني قوله :( ممَّا يَخْلُقُ ( أي من محداثته ا هـ وتبعه عليه الفخر.
وبنى عليه صاحب ( التقريب ) فقال عقب تعقب كلام ( الكشاف ) ( والأولى ما قيل : لو أراد أن يتخذ ولداً كما زعمتم لاختار الأفضل ( أي الذكور ) لا الأنقص وهنّ الإِناث ). وقال التفتزاني في ( شرح الكشاف ) : هذا معنى الآية بحسب الظاهر، وذكر أن صاحب ( الكشاف ) لم يسلكه للوجه الذي ذكره التفتزاني هناك. والذي سلكه ابن عطية وإن كان أقرب وأوضح من مسلك ( الكشاف ) في تقرير الدليل لكنه يشاركه في أنه لا يصل الآية بالآيات التي قبلها وبنبغي أن لا تقطع بينها الأواصر، وكم ترك الأول للآخر.
وجملة ) سُبْحانَهُ ( تنزيه له عما نسبوه إليه من الشركاء بعد أن أبطله بالدليل الامتناعي عوداً إلى خطاب النبي ( ﷺ ) والمسلمين الذي فارقه من قوله :( فاعبد الله مخلصاً له الدين ( ( الزمر : ٢ ).
وجملة ) هو الله الواحِدُ القهَّارُ ( دليل للتزيه المستفاد من ) سُبْحانَهُ ). فجملة ) هُوَ الله ( تمهيد للوصفين، وذِكر اسمه العلم لإِحضاره في الأذهان بالاسم المختص به فلذلك لم يقل : هو الواحد القهّار كما قال بعدُ :( ألا هوَ العزيزُ الغفَّارُ ( ( الزمر : ٥ ). وإثبات الوحدانية له يبطل الشريك في الإِلاهية على تفاوت مراتبه، وإثبات ) القَهَّارُ ( يبطل ما زعموه من أن أولياءهم تقربهم إلى الله زلفى وتشفع لهم.
والقهر : الغلبة، أي هو الشديد الغلبة لكل شيء لا يغلبه شيء ولا يصرفه عن إرادته.