" صفحة رقم ٣٤٨ "
ياسر، وقيل صُهيب، وقيل : أبو ذرّ، وقيل ابن مسعود، وهي روايات ضعيفة ولا جرم أن هؤلاء المعدودين هم من أحقّ مَن تصدق عليه هذه الصلة فهي شاملة لهم ولكن محمل الموصول في الآية على تعميم كل من يصدق عليه معنى الصلة.
استئناف بياني موقعه كموقع قوله :( قُلْ تمتَّع بكفرك قليلاً ( ( الزمر : ٨ ) أثاره وصف المؤمن الطائع، والمعنى : أَعْلِمهم يا محمد بأن هذا المؤمن العالِم بحق ربه ليس سواء للكافر الجاهل بربه. وإعادة فعل ) قل هنا للاهتمام بهذا المقول ولاسْترعاء الأسماع إليه.
والاستفهام هنا مستعمل في الإِنكار. والمقصود : إثبات عدم المساواة بين الفريقين، وعدم المساواة يكنّى به عن التفضيل. والمراد : تفضيل الذين يعلمون على الذين لا يعلمون، كقوله تعالى : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غيرُ أولي الضرر والمجاهدون في سبيل اللَّه بأموالهم وأنفسهم فضل اللَّه المجاهدين ( ( النساء : ٩٥ ) الآية، فيعرف المفضّل بالتصريح كما في آية ) لا يستوي القاعدون ( ( النساء : ٩٥ ) أو بالقرينة كما في قوله هنا :( هل يستوي الذين يعلمون ( الخ لظهور أن العلم كمال ولتعقيبه بقوله :( إنما يتذكَّر أُولوا الألبابِ ). ولهذا كان نفي الاستواء في هذه الآية أبلغ من نفي المماثلة في قول النابغة :
يخبرك ذو عرضهم عني وعالمهم
وليس جاهل شيء مثلَ من عَلِما
وفعل ) يَعْلَمُونَ ( في الموضعين منزّل منزلة اللازم فلم يذكر له مفعول. والمعنى : الذين اتصفوا بصفة العلم، وليس المقصود الذين علموا شيئاً معيّناً حتى يكون من حذف المفعولين اختصاراً إذ ليس المعنى عليه، وقد دل على أن المراد الذين اتصفوا بصفة العلم قوله عقبه :( إنما يتذكر أولوا الألباب ( أي أهل العقول، والعقل والعلم مترادفان، أي لا يستوي الذين لهم علم فهم يدركون حقائق الأشياء على ما هي عليه وتجري أعمالهم على حسب علمهم، مع الذين