" صفحة رقم ٨٤ "
فعن جماعة من السلف : أن هذه الصفات للملائكة. وعن قتادة أن ( التاليات ذكراً ) الجماعة الذين يتلون كتاب الله من المسلمين. وقسَمُ الله بمخلوقاته يُومىء إلى التنويه بشأن المقسم به من حيث هو دَالّ على عظيم قدرة الخالق أو كونه مشرّفاً عند الله تعالى.
وتأنيث هذه الصفات باعتبار إجرَائها على معنى الطائفة والجماعة ليدل على أن المراد أصناف من الملائكة لا آحادٌ منهم.
و ) الصافات ( جمع : صافة، وهي الطائفة المصطفّ بعضها مع بعض. يقال : صف الأمير الجيش، متعدياً إذا جعله صفاً واحداً أو صفوفاً، فاصطفوا. ويقال : فَصَفُّوا، أي صاروا مصطفِّين، فهو قاصر. وهذا من المطاوع الذي جاء على وزن فعله مثل قول العجاج :
قد جَبر الدينَ الإِله فجَبَر
وتقدم قوله :( فاذكروا اسم اللَّه عليها صَوافّ في سورة الحج، وقوله : والطير صافات ( ( النور : ٤١ ).
ووصف الملائكة بهذا الوصف يجوز أن يكون على حقيقته فتكون الملائكة في العالم العلوي مصطفّة صفوفاً، وهي صفوف متقدم بعضها على بعض باعتبار مراتب الملائكة في الفضل والقرب. ويجوز أن يكون كناية عن الاستعداد لامتثال ما يلقى إليهم من أمر الله تعالى قال تعالى، حكاية عنهم في هذه السورة ) وإنَّا لنحن الصَّافونَ وإنَّا لنحنُ المُسَبِحُونَ ( ( الصافات : ١٦٥، ١٦٦ ).
والزجرُ : الحث في نهي أو أمر بحيث لا يُترك للمأمور تباطؤ في الإِتيان بالمطلوب، والمراد به : تسخير الملائكة المخلوقاتتِ التي أمرهم الله بتسخيرها خلقاً أو فعلاً، كتكوين العناصر، وتصريف الرياح، وإزجاء السحاب إلى الآفاق.
و ( التاليات ذكراً ) المترددون لكلام الله تعالى الذي يتلقونه من جانب القدس لتبليغ بعضهم بعضاً أو لتبليغه إلى الرسل كما أشار إليه قوله تعالى :( حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ( ( سبأ : ٢٣ ). وبيّنه قول النبي