" صفحة رقم ٨٦ "
بإثبات أنه واحد غير متعدد، وهذا إنما يقتضي نفي الإِلاهية عن المتعددين وأما اقتضاؤه تعيين الإِلاهية لله تعالى فذلك حاصل بأنهم لا ينكرون أن الله تعالى هو الربّ العظيم ولكنهم جعلوا له شركاء فحصل التعدد في مفهوم الإِلاه فإذا بطل التعدد تعيّن انحصار الإِلاهية في ربّ واحد هو الله تعالى.
أتبع تأكيد الإِخبار عن وحدانية الله تعالى بالاستدلال على تحقيق ذلك الإِخبار لأن القسم لتأكيده لا يُقنع المخاطبين لأنهم مكذِّبون مَن بلّغ إليهم القَسَم، فالجملة استئناف بياني لبيان الإِلاه الواحد مع إدماج الاستدلال على تعيينه بذكر ما هو من خصائصه المقتضي تفرده بالإِلاهية.
فقوله :( رَبُّ السماواتِ والأرض ( خبر لمبتدأ محذوف. والتقدير : هو ربّ السماوات، أي إلاهكم الواحد هو الذي تعرفونه بأنه ربّ السماوات والأرض إلى آخره.
فقوله :( رَبُّ السَّماواتِ والأرضِ ( خبر لمبتدأ محذوف جرَى حذفه على طريقة الاستعمال في حذف المسند إليه من الكلام الوارد بعد تقدم حديث عنه كما نبّه عليه صاحب ( المفتاح ).
فإن المشركين مع غلوّهم في الشرك لم يتجرَّأوا على ادعاء الخالقية لأصنامهم ولا التصرف في العوالم العلوية، وكيف يبلغون إليها وهم لَقىً على وجه الأرض فكان تفرد الله بالخالقية أفحمَ حجةٍ عليهم في بطلان إلهية الأصنام. وشمل ) السَّماواتِ والأرضِ وما بينهُمَا ( جميع العوالم المشهودة للناس بأجرامها وسكّانها والموجودات فيها.
وتخصيص ) المَشارِقِ ( بالذكر من بين ما بين السماوات والأرض لأنها أحوال مشهودة كل يوم.
وجمعْ ) المَشارِقِ ( باعتبار اختلاف مطلع الشمس في أيام نصف سنة دورتها وهي السنة الشمسية وهي مائة وثمانون شرقاً باعتبار أطولِ نهار في السنة الشمسية


الصفحة التالية
Icon