" صفحة رقم ٩٥ "
و ) خَلْقاً ( تمييز، أي أخلقهم أشدّ أم خَلْق من خلقنا الذي سمعتم وصفه.
والمراد ب ) مَن خَلَقْنا ( ما خَلَقَه الله من السماوات والأرض وما بينهما الشامل للملائكة والشياطين والكواكب المذكورة آنفاً بقرينة إيراد فاء التعقيب بعد ذكر ذلك، وهذا كقوله تعالى :( أأنتم أشد خلقاً أم السماء ( ( النازعات : ٢٧ ) ونحوه.
وجيء باسم العاقل وهو ) مَن ( الموصولة تغليباً للعاقلين من المخلوقات.
وجملة ) إنا خلقناهم من طين لازب ( في موضع العلة لما يتولد من معنى الاستفهام في قوله :( أهم أشد خلقاً أم من خلقنا ( من الإِقرار بأنهم أضعف خلقاً من خلق السماوات وعوالمها احتجاجاً عليهم بأن تأتِّي خلقهم بعد الفناء أهون من تَأتي المخلوقات العظيمة المذكورة آنفاً ولم تكن مخلوقة قبلُ فإنهم خلقوا من طين لأن أصلهم وهو آدم خلق من طين كما هو مقرر لدى جميع البشر فكيف يحيلون البعث بمقالاتهم التي منها قولُهم :( أإذَا مِتنا وكنا تُراباً وعِظاماً أءِنَّا لَمَبْعُوثونَ ( ( الصافات : ١٦ ).
والطينُ : التراب المخلوط بالماء.
واللازب : اللاصق بغيره ومنه أطلق على الأمر الواجب ( لازب ) في قول النابغة :
ولا يحسبون الشر ضَربةَ لازب
وقد قيل : إن باء لازب بدل من ميم لازم، والمعنى : أنه طين عتيق صار حَمْأة. وضمير ) إنَّا خلقناهُم ( عائد إلى المشركين وهو على حذف مضاف، أي خلقنا أصلهم وهو آدم فإنه الذي خلق من طين لازب، فإذا كان أصلهم قد أنشىء من تراب فكيف ينكرون إمكان إعادة كل آدمي من تراب.
( ١٢ ١٤ )
) بَلْ ( للإِضراب الانتقالي من التقرير التوبيخي إلى أن حالهم عجب.
وقرأ الجمهور ) بَلْ عَجِبْتَ ( بفتح التاء للخطاب. والخطاب للنبيء ( ﷺ )


الصفحة التالية
Icon