" صفحة رقم ٩٧ "
ويجوز أن يكون أطلق ) عجبت ( على معنى المجازاة على عَجبهم لأن قوله :( فاستفتهم أهم أشدُّ خلقاً ( ( الصافات : ١١ ) دلّ على أنهم عجبوا من إعادة الخلق فتوعدهم الله بعقاب على عَجبهم. وأطلق على ذلك العقاب فعل ) عجبت ( كما أطلق على عقاب مكرهم المكرُ في قوله :( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ( ( آل عمران : ٥٤ ).
والواو في ) ويَسْخَرُونَ ( واو الحال، والجملة في موضع الحال من ضمير ) عَجِبْتَ ( أي كان أمرهم عجباً في حال استسخارهم بك في استفتائهم. وجيء بالمضارع في ) يسخرون ( لإِفادة تجدد السخرية، وأنهم لا يرعوُون عنها.
والسخرية : الاستهزاء، وتقدمت في قوله تعالى :( فحاق بالذين سخروا منهم في سورة الأنعام ).
والتذكير بأن يذكروا ما يغفلون عنه من قدرة الله تعالى عليهم، ومن تنظير حالهم بحال الأمم التي استأصلها الله تعالى فلا يتعظوا بذلك عناداً فأطلق ) لاَ يَذْكُرُونَ ( على أثر الفعل، أي لا يحصل فيهم أَثَر تذكُّر ما يذكَّرون به وإن كانوا قد ذَكروا ذلك. ويجوز أن يراد لا يذكرون ما ذكروا به، أي لشدة إعْراضهم عن التأمل فيما ذكِّروا به لاستقرار ما ذُكّروا به في عقولهم فلا يذكرون ما هم غافلون عنه، على حد قوله تعالى :( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام ( ( الفرقان : ٤٤ ).
و ) وإذَا رَأوْا ءَايَةً ( أي خارق عادة أظهره الرسول ( ﷺ ) دالاً على صدقه لأن الله تعالى لا يغير نظام خلقته في هذا العالم إلا إذا أراد تصديق الرسول لأن خرق العادة من خالق العادات وناظم سنن الأكوان قائم مقام قوله : صدق هذا الرسول فيما أخبر به عني. وقد رأوا انشقاق القمر، فقالوا : هذا سحر، قال تعالى :( اقتربت الساعة وانشقّ القمر وإن يروا آية يُعرِضوا ويقولوا سحر مستمر ( ( القمر : ١، ٢ ).


الصفحة التالية
Icon