" صفحة رقم ١٠٠ "
بعد سؤال الصفح عنه كنايةً عن استدامته وعدم استجابة سؤالهم الخروج منه على وجه يشعر بتحقيرهم. وزيد ذلك تحقيقاً بقوله :( فالحُكمُ لله العَلِي الكَبِير ).
فالإِشارة ب ) ذلكم ( إلى ما هم فيه من العذاب الذي أنبأ به قوله :( يُنادون لمقتُ الله أكبر من مقتِكم أنفُسكم ( ( غافر : ١٠ ) وما عقب به من قولهم :( فهل إلى خروج من سبيل ( ( غافر : ١١ ).
والباء في ) بأنه ( للسببية، أي بسبب كفركم إذا دُعي الله وحده. وضمير ) بأنه ( ضمير الشأن، وهو مفسر بما بعده من قوله :( إذا دُعِيَ الله وحْدَه كفرتُم وإن يُشْرك به تُؤمنُوا (، فالسبب هو مضمون القصة الذي حاصل سبكِه : بكفركم بالوحدانية وإيمانكم بالشرك.
و ) إذا ( مستعملة هنا في الزمن الماضي لأن دعاء الله واقع في الحياة الدنيا وكذلك كفرهم بوحدانية الله، فالدعاء الذي مضى مع كفرهم به كان سبب وقوعهم في العذاب.
ومجيء ) وإنْ يُشْرك بِهِ تُؤْمِنُوا ( بصيغة المضارع في الفعلين مؤوّل بالماضي بقرينة ما قبله، وإيثار صيغة المضارع في الفعلين لدلالتهما على تكرر ذلك منهم في الحياة الدنيا فإن لتكرره أثراً في مضاعفة العذاب لهم.
والدعاء : النداء، والتوجهُ بالخطاب. وكلا المعنيين يستعمل فيه الدعاء ويطلق الدعاء على العبادة، كما سيأتي عند قوله تعالى :( وقال ربكم ادعُوني أستَجِب لَكُم ( في هذه السورة، فالمعنى إذا نودي الله بمسمعكم نداء دالاً على أنه إله واحد مثل آيات القرآن الدالة على نداء الله بالوحدانية، فالدعاء هنا الإِعلان والذكر، ولذلك قوبل بقوله :( كَفَرْتُم وإن يُشْرَك بهِ تُؤْمِنُوا (، والدعاء بهذا المعنى أعم من الدعاء بمعنى سؤال الحاجات ولكنه يشمله، أو إذا عُبد الله وحده.


الصفحة التالية
Icon