" صفحة رقم ١٠٩ "
فيه تخلصاً إلى ذكر الرسول الأعظم ( ﷺ ) الذي هو بصدد الإِنذار دون الرسل الذين سبقوا إذ لا تلائمهم صيغة المضارع ولأنه مرجِّح لإِظهار اسم الجلالة في قوله :( لا يخفى على الله منهم شيء ( كما سيأتي.
و ) يوم التَلاَقي ( هو يوم الحشر، وسمي يوم التلاقي لأن الناس كلهم يلتقون فيه، أو لأنهم يلقون ربهم لقاء مجازياً، أي يقفون في حضرته وأمام أمره مباشرة كما قال تعالى :( الذين لا يرجون لقاءنا ( ( يونس : ٧ ) أي لا يرجُون يوم الحشر. وانتصبَ ) يوم التلاقي ( على أنه مفعول ثان ل ) ينذر (، وحذف المفعول الأول لظهوره، أي لينذر الناسَ. وبَين ) التَّلاَقي ( و ) يُلْقي ( جناس.
وكتب ) التَّلاَقي ( في المصحف بدون ياء. وقرأه نافع وأبو عمرو في رواية عنه بكسرة بدون ياء. وقرأه الباقون بالياء لأنه وقع في الوصل لا في الوقف فلا موجب لطرح الياء إلا معاملة الوصل معاملة الوقف وهو قليل في النثر فيقتصر فيه على السماع. وكفى برواية نافع وأبي عمرو سماعاً.
و ) يَوْمَ هُم بارِزُون ( بدل من ) يَوْمَ التَّلاَقي ). و ) هم بارزون ( جملة اسمية، والمضاف ظرف مستقبل وذلك جائز على الأرجح بدون تقدير.
وضمير الغيبة عائد إلى ) الكافِرُونَ من قوله : وَلَوْ كَرِهَ الكافرون ( ( غافر : ١٤ ).
وجملة ) لا يَخْفَى على الله منهم شيءٌ ( بيان لجملة ) هُم بارِزُون ( والمعنى : أنهم واضحة ظواهرهم وبواطنهم فإن ذلك مقتضى قولهم :( مِنْهم شَيءٌ ).
وإظهار اسم الجلالة لأن إظهاره أصْرح لبعد معاده بما عقبه من قوله :( على مَن يَشَاءُ من عِبادهِ (، ولأن الأظهر أن ضمير ) ليُنذِر ( عائد إلى ) مَن يَشَاء ).
ومعنى ) مِنهُم ( من مجموعهم، أي من مجموع أحوالهم وشؤونهم، ولهذا أوثر ضمير الجمع لما فيه من الإِجمال الصالح لتقدير مضاف مناسب للمقام، وأوثر أيضاً لفظ ) شَيْءٌ ( لتوغله في العموم، ولم يقل لا يخفى على الله منهم أحد،