" صفحة رقم ١١٥ "
ووصْفُ :( شفيع ( بجملة ) يطاع ( وصْف كاشف إذ ليس أن المراد لهم شفعاء لا تطاع شفاعتهم لظهور قلة جدوى ذلك ولكن لما كان شأن من يتعرض للشفاعة أن يثق بطاعة المشفوع عنده له. وأُتبع ) شفيع ( بوصف ) يطاع ( لتلازمهما عرفاً فهو من إيراد نفي الصفة اللازمةِ للموصوف. والمقصودُ : نفي الموصوف بضرب من الكناية التلميحية كقول ابننِ أحمر :
ولا تَرى الضبَّ بها ينْجَحِرْ
أي لا ضبّ فيها فينجحر، وذلك يفيد مفاد التأكيد.
والمعنى : أن الشفيع إذا لم يُطَع فليس بشفيع. والله لا يجترىء أحد على الشفاعة عنده إلا إذا أذن له فلا يشفع عنده إلا مَن يُطاع.
يجوز أن تكون جملة ) يعلم خائِنة الأعين ( خبراً عن مبتدأ محذوف هو ضمير عائد إلى اسم الجلالة من قوله :( إن الله سريع الحساب ( ( غافر : ١٧ ) على نحو ما قرر قبله في قوله :( رفيعُ الدرجات ( ( غافر : ١٥ ). ومجموع الظاهر والمقدر استئناف للمبالغة في الإِنذار لأنهم إذا ذُكِّروا بأن الله يعلم الخفايا كان إنذاراً بالغاً يقتضي الحذر من كل اعتقاد أو عمل نهاهم الرسول ( ﷺ ) عنه، فبعد أن أيْأَسهم من شفيع يسعى لهم في عدم المؤاخذة بذنوبهم أيأسهم من أن يتوهموا أنهم يستطيعون إخفاء شيء من نواياهم أو أدنى حركات أعمالهم على ربهم. ويجوز أن تكون خبراً ثانياً عن اسم ) إنَّ في قوله : إن الله سريع الحساب ( ( غافر : ١٧ )، وما بينهما اعتراض كما مرّ على كلا التقديرين.