" صفحة رقم ١٢٢ "
( ٢٣ ٢٤ )
هذا ذكر فريق آخر من الأمم لم يشهد العرب آثارهم وهم قوم فرعون أقباطُ مصر، وتقدم نظير هذه الآية في أواخر سورة هود. وتقدم ذكر هامان وهو لقب وزير فرعون في سورة القصص. وفي هذه القصة أنها تزيد على مَا أجمل من قصص أمم أخرى أن فيها عبرتين : عبرةً بكيد المكذبين وعنادهم ثم هلاكهم، وعبرةً بصبر المؤمنين وثباتهم ثم نصرهم، وفي كلتا العبرتين وعيد ووعد.
وجملة :( فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّاب ( معترضة بين جملة ) ولقد أرْسَلْنَا مُوسَى ( وبين جملة ) فَلَمَّا جَاءَهم بِالحَقّ ( ( غافر : ٢٥ ).
وقَارون هو من بني إسرائيل كذب موسى، وتقدم ذكره في القصص، وقد قيل إنه كان منقطعاً إلى فرعون وخادماً له، وهذا بعيد لأنه كان في زمرة من خرج مع موسى، أي فاشترك أولئك في رمي رسولهم بالكذب والسحر كما فعلت قريش.
أي رَمَوْه ابتداءً بأنه ساحر كذاب توهماً أنهم يلقمونه حجر الإِحجام فلما استمر على دَعوته وجاءهم بالحق، أي أظهر لهم الآيات الحقَّ، أي الواضحة، فأطلق ) جاءهم ( على ظهور الحق كقوله تعالى :( جاء الحق وزهق الباطل ( ( الإسراء : ٨١ ).
و ) مِن عِندِنا ( وصف للحق لإِفادة أنه حق خارق للعادة لا يكون إلا من تسخير الله وتأييده، وهو آيات نبوته التسعُ.
ووجه وقوع ) فلَمَّا جَاءَهم بالحَقِّ مِن عِندنا ( بعد قوله :( أرْسَلْنَا مُوسَى بآياتِنا ( ( غافر : ٢٣ )