" صفحة رقم ١٣٨ "
الشخص وعقله خلقاً غير قابل لمعاني الحق والصواب، ولا ينفعل لدلائل الإعتقاد الصحيح.
وأراد من هذه الصلة العموم الشامل لكل من حرمه الله التوفيق، وفيه تعريض بتوقعه أن يكون فرعون وقومه من جملة هذا العموم، وآثر لهم هذا دون أن يقول :( ومن يهد الله فما له من مضل ( ( الزمر : ٣٧ ) لأنه أحسّ منهم الإِعراض ولم يتوسم فيهم مخائل الانتفاع بنصحه وموعظته.
( ٣٤ ٣٥ )
توسم فيهم قلة جدوى النصح لهم وأنهم مصممون على تكذيب موسى فارتقى في موعظتهم إلى اللوم على ما مضى، ولتذكيرهم بأنهم من ذرية قوم كذّبوا يوسف لما جاءهم بالبينات فتكذيب المرشدين إلى الحق شنشنة معروفة في أسلافهم فتكون سجية فيهم. وتأكيد الخبر ب ( قد ) ولام القسم لتحقيقه لأنهم مظنة أن ينكروه لبعد عهدهم به.
فالمجيء في قوله :( جاءكم ( مستعار للحصول والظهور والباء للملابسة، أي ولقد ظهر لكم يوسف ببيّنات. ولا يلزم أن يكون إظهار البينات مقارناً دعوةً إلى شرع لأنه لما أظهر البينات وتحققوا مكَانتهُ كان عليهم بحكم العقل السليم أن يتبينوا آياته ويستهدوا طريقَ الهدى والنجاة، فإن الله لم يأمر يوسف بأن يدعو فرعون وقومه، لحكمة لعلَّها هي انتظار الوقت والحاللِ المناسب الذي ادخره الله لموسى عليه السلام.
والبيّنات : الدلائل البينة المظهرة أنه مصطَفى من الله للإِرشاد إلى الخير، فكان على كل عاقل أن يتبع خطاه ويترسم آثاره ويسأله عما وراء هذا العالم


الصفحة التالية
Icon