" صفحة رقم ١٥٩ "
وعندي أن الاستعمالين على مقتضى الظاهر وأن العَرض قد كثر في معنى الإمرار دون قصد الترغيب كما يقال : عُرض الجيش على أميره واستعرضه الأمير. ولعلّ أصله مجاز ساوى الحقيقة فليس في الآيتين قلب ولا في قول العرب : عرضت الناقة على الحوض، قَلب، ويقال : عُرض بنو فلان على السيف، إذا قُتلوا به. وخرج في ( الكشف ) آية الأحقاففِ على قولهم : عُرض على السيففِ.
ومعنى عرضهم على النار أن أرواحهم تُشاهِد المواضع التي أعدت لها في جهنم، وهو ما يبينه حديث عبد الله بن عُمر في ( الصحيح ) قال : قال رسول الله :( إن أحدكم إذا مات عُرض عليه مقْعَدُه بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثَك الله يوم القيامة ).
وقولُه :( غُدُوّاً وعَشِيّاً ( كناية عن الدوام لأن الزمان لا يخلو عن هاذين الوقتين.
وقوله :( ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَة أدْخِلوا ءالَ فِرْعون أشدَّ العَذَابِ ( هذا ذكر عذاب الآخرة الخالد، أي يُقال : أَدخلوا آل فرعون أشد العذاب، وعلم من عذاب آل فرعون أن فرعون داخل في ذلك العذاب بدلالة الفحوى.
وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص وأبو جعفر ويعقوب ) أدخلوا ( بهمزة قطع وكسر الخاء. وقرأ الباقون بهمزة وصل وضم الخاء على معنى أن القول مُوجّه إلى آل فرعون وأن ) ءَالَ فِرْعَونَ ( منادى بحذف الحرف.
( ٤٧ ٤٨ )
يجوز أن يكون ) إذ ( معمولاً ل ( اذْكُرْ ) محذوففٍ فيكون عطفاً على جملة ) وأنذرهم يوم الأزِفَةِ (، والضميرُ عائداً إلى ) الذِّينَ يُجادِلُون في ءاياتِ الله بِغَيْرِ


الصفحة التالية
Icon