" صفحة رقم ١٦١ "
استكبروا : سادة القوم، أي الذين تكبروا كِبْراً شديداً، فالسين والتاء فيه للمبالغة. وقول الضعفاء للكبراء هذا الكلامَ يحتمل أنه على حقيقته فهو ناشىء عما اعتادوه من اللجإ إليهم في مهمهم حين كانوا في الدنيا فخالوا أنهم يتولون تدبير أمورهم في ذلك المكان ولهذا أجاب الذين استكبروا بما يفيد أنهم اليوم سواء في العجز وعدم الحيلة فقالوا :( إنَّا كُلٌّ فِيهَآ ( أي لو أغنينا عنكم لأغنينا عن أنفسنا.
وتقديم قولهم :( إنَّا كُنَّا لَكُم تبعَاً ( على طلب التخفيف عنهم من النار، مقدمة للطلب لقصد توجيهه وتعليله وتذكيرهم بالولاء الذي بينهم في الدنيا، يلهمهم الله هذا القول لافتضاح عجز المستكبرين أن ينفعوا أتباعهم تحقيراً لهم جزاء على تعاظمهم الذي كانوا يتعاظمون به في الدنيا.
ويحتمل أن قول الضعفاء ليس مستعملاً في حقيقة الحث على التخفيف عنهم ولكنه مستعمل في التوبيخ، أي كنتم تدعوننا إلى دين الشرك فكانت عاقبة ذلك أنا صرنا في هذا العذاب فهل تستطيعون الدفع عنا. وتأكيد ) إنَّا كنا لكُم تَبَعاً ( ب ( إنَّ ) للاهتمام بالخبر وليس لرد إنكار.
والتبع : اسم لمن يتبع غيره، يستوي فيه الواحد والجمع، وهو مثل خَدَم وَحَشَم لأن أصله مصدر، فلذلك استوى فيه الواحد والجمع، وقيل التَبَع : جمع لا يجري على الواحد، فهو إذن من الجموع النادرة.
والاستفهام في قوله :( فَهَلْ أنتُم مُغْنُونَ ( مستعمل في الحث واللوم على خذلانهم وترك الاهتمام بما هم فيه من عذاب.
وجيء بالجملة الاسمية الدالة على الثبات، أي هل من شأنكم أنكم مغنون عنّا. و ) مغنون ( اسم فاعل من أغنى غناء بفتح الغين والمدّ، أي فائدة وإجزاء.
والنصيب : الحَظ والحصة من الشيء، قال تعالى :( للرجال نصيب مما ترك


الصفحة التالية
Icon