" صفحة رقم ١٦٧ "
بالحرام فأنَّى يستجاب له ). ولهذا لم يقل الله : فلما استجاب دعاءهم، وإنما قال : فلما نجاهم، أي لأنه قدّر نجاتهم من قبل أن يدعوا أو لأن دعاءهم صادف دعاء بعض المؤمنين.
( ٥١ ٥٢ )
كلام مستأنف وهو استخلاص للعبرة من القصص الماضية مسوق لتسلية الرسول ( ﷺ ) ووعده بحسن العاقبة، وتسلية المؤمنين ووعدهم بالنصر وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة. وذلك أن الكلام من ابتداء السورة كان بذكر مجادلة المشركين في القرآن بقوله تعالى :( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ( ( غافر : ٤ ) وأومأ إلى الرسول ( ﷺ ) بأن شِيَعهم آيلة إلى خسار بقوله :( فلا يغررك تقلبهم في البلاد ( ( غافر : ٤ )، وامتد الكلام في الرد على المجادلين وتمثيل حالهم بحال أمثالهم من الأمم التي آل أمرها إلى خيبة واضمحلال في الدنيا وإلى عذاب دائم في الآخرة ولما استوفى الغرضُ مقتضاه من اطناب البيان بَيّن الله لرسوله ( ﷺ ) عَقِبَه أنه ينصر رسله وَالذين آمنوا في الدنيا كما دل عليه قوله في آخر الكلام ) فاصبر إن وعد الله حق ( غافر : ٧٧ ).
وقد عُلم من فعل النصر أن هنالك فريقاً منصوراً عليهم الرسلُ والمؤمنون في الدنيا والآخرة، ومن المتعين أنهم الفريقُ المعاند للرسل وللمُؤمنين، فنصر الرسل والمؤمنين عليهم في الدنيا بإظهارهم عليهم وإبادتهم، وفي الآخرة بنعيم الجنة لهم وعذاب النار لأعدائهم.
والتعبير بالمضارع في قوله : لننصر ( لما فيه من استحضار حالات النصر العجيبة التي وُصفَ بعضها في هذه السورة ووصف بعضٌ آخر في سُور أخرى تقدم نزولها، وإلا فإن نصر الرسل الذين سبقوا محمداً ( ﷺ ) قد مضى ونصْرُ محمد ( ﷺ ) مترقّب غير حاصل حين نزول الآية.


الصفحة التالية
Icon