" صفحة رقم ٢٠٠ "
عن القائل أسرع أعمال الإِنسان وأيسر، وقد اختير لتقريب ذلك أخصر فعل وهو ) كن ( المركب من حرفين متحرك وساكن.
( ٦٩ ٧٢ )
بنيت هذه السورة على إبطال جدل الذين يجادلون في آيات الله جدال التكذيب والتورّك كما تقدم في أول السورة إذ كان من أولها قوله :( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ( ( غافر : ٤ ) وتكرر ذلك خمس مرات فيها، فنبه على إبطال جدالهم في مناسبات الإِبطال كلها إذ ابتدىء بإبطاله على الإِجمال عقب الآيات الثلاث من أولها بقوله :( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ( ( غافر : ٤ ) ثم بإبطاله بقوله :( الذين يجادلون في ءايات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتاً عند الله ( ( غافر : ٣٥ )، ثم بقوله :( إنَّ الذين يُجادلُون في ءاياتتِ الله بِغَير سُلطاننٍ أتاهم إن في صُدُورهم إلاَّ كِبْرٌ ( ( غافر : ٥٦ ) ثم بقوله :( ألَمْ تَرَ إلى الَّذِين يُجادِلُون في آياتِ الله أنَّى يُصْرَفُون ).
وذلك كله إيماء إلى أن الباعث لهم على المجادلة في آيات الله هو ما اشتمل عليه القرآن من إبطال الشرك فلذلك أعقب كل طريقة من طرائق إبطال شركهم بالإِنحاء على جدالهم في آيات الله، فجملة ) ألَمْ تَرَ إلى الَّذِين يُجادِلُون في آياتِ الله ( مستأنفة للتعجيب من حال انصرافهم عن التصديق بعد تلك الدلائل البيّنة. والاستفهام مستعمل في التقرير وهو منفي لفظاً، والمراد به : التقرير على الإِثبات، كما تَقدم غير مرة، منها عند قوله :( قال أو لم تؤمن ( في سورة البقرة.
والرؤية عِلمية، وفعلها معلق عن العمل بالاستفهام ب ) أنَّى يُصْرَفُونَ (، و ( أنَّى ) بمعنى ( كيف )، وهي مستعملة في التعجيب مثل قوله :( أنى يكون لي


الصفحة التالية
Icon