" صفحة رقم ٢٠٧ "
و ) خالدين ( حال مقدرة، أي مقدراً خلودكم.
وفرع عليه ) فَبِئْسَ مَثْوَى المُتَكبرين (، والمخصوص بالذم محذوف لأنه يدل عليه ذكر جهنم أي فبئس مثوى المتكبرين جهنمُ، ولم يتصل فعل ( بئس ) بتاء التأنيث لأن فاعله في الظاهر هو ) مثوى ( لأن العبرة بإسناد فعل الذم والمدح إلى الاسم المذكور بعدهما، وأما اسم المخصوص فهو بمنزلة البيان بعد الإِجمال فهو متبدأ خبره محذوف أو خبرُ مبتدإٍ محذوف، ولذلك عدّ باب نعم وبئس من طرق الإِطناب.
والمثوى : محل الثواء، والثواء : الإِقامة الدائمة، وأوثر لفظ ) مثوى ( دون ( مُدخل ) المناسببِ ل ) ادخلوا ( لأن المثوى أدل على الخلود فهو أولى بمساءتِهم.
والمراد بالمتكبرين : المخاطبون ابتداء لأنهم جادلوا في آيات الله عن كِبْر في صدورهم كما قال تعالى :( إنَّ الذين يُجادِلُون في ءاياتتِ الله بِغَير سُلطاننٍ أتاهُم إن في صُدُورهم إلاَّ كِبْرٌ مَا هُم بِبالِغِيه ( ( غافر : ٥٦ ) ولأن تكبرهم من فرحهم.
وإنما عدل عن ضميرهم إلى الاسم الظاهر وهو ) المتكبرين ( للإِشارة إلى أن من أسباب وقوعهم في النار تكبرهم على الرسل. وليكون لكل موصوف بالكِبْر حظ من استحقاق العقاب إذا لم يتُب ولم تغلب حسناته على سيئاته إن كان من أهل الإِيمان.
قد كان فيما سبق من السورة ما فيه تسلية للنبيء ( ﷺ ) على ما تلقَّاه به المشركون من الإِساءة والتصميم على الإِعراض ابتداء من قوله في أول السورة ) فَلاَ يَغْرُرك تقَلُّبُهم في البِلادِ ( ( غافر : ٤ ) ثم قوله :( أوَلَمْ يَسِيُروا في الأرض فَيَنْظُروا كيْفَ كانَ عاقِبَةُ الذين كانُوا مِن قَبْلِهم ( ( غافر : ٢١ )، ثم قوله :( إنَّا لَنَنْصر رُسُلنا ( ( غافر : ٥١ ) ثم قوله :( فاصبر إن وعد


الصفحة التالية
Icon