" صفحة رقم ٢٠٩ "
الزائدة للتأكيد ولذلك لحقت نون التوكيد بفعل الشرط. وعطف عليه ) أو نَتَوفَّيَنَّكَ ( وهو فعل شرط ثان. وجملة ) فإلينا يُرْجَعُون ( جواب لفعل الشرط الثاني لأن المعنى على أنه جواب له. وأما فعل الشرط الأول فجوابه محذوف دل عليه أول الكلام وهو قوله :( إنَّ وعد الله حق ( وتقديرُ جوابه : فإما نرينك بعض الذي نعدهم فذاكَ، أو نتوفينك فإلينا يُرجعون، أي فهم غير مفلَتين مما نعدهم.
وتقدم نظير هذين الشرطين في سورة يونس إلا أن في سورة يونس ) فإلينا مرجعهم ( وفي سورة غافر ) فإلينا يُرْجعون (، والمخالفة بين الآيتين تفنن، ولأن ما في يونس اقتضى تهديدهم بأن الله شهيد على ما يفعلون، أي على ما يفعله الفريقان من قوله :( ومنهم من يستمعون إليك ( ( يونس : ٤٢ ) وقوله :( ومنهم من ينظر إليك ( ( يونس : ٤٣ ) فكانت الفاصلة حاصلة بقوله :( على ما يفعلون ( ( يونس : ٤٦ )، وأما هنا فالفاصلة معاقبة للشرط فاقتضت صوغ الرجوع بصيغة المضارع المختتم بواو ونون، على أن ) مرجعهم ( ( يونس : ٤٦ ) معرف بالإِضافة فهو مشعر بالمرجع المعهود وهو مرجعهم في الآخرة بخلاف قوله :( يرجعون ( المشعر برجوع متجدد كما علمت.
والمعنى : أنهم واقعون في قبضة قدرتنا في الدنيا سواء كان ذلك في حياتك مثل عذاب يوم بدر أو بعد وفاتك مثل قتلهم يوم اليمامة، وأما عذاب الآخرة فذلك مقرر لهم بطريق الأوْلى، وهذا كقوله :( أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ( ( الزخرف : ٤٢ ).
وتقديم المجرور في قوله :( فإلينا يُرْجعون ( للرعاية على الفاصلة وللاهتمام.
ذكرنا عند قوله تعالى :( ما يجادل في ءايات الله إلا الذين كفروا ( في أول هذه


الصفحة التالية
Icon