" صفحة رقم ٢١٩ "
والأكثر في استعمال ( أي ) إذا أضيفت إلى اسم مؤنثثِ اللفظ أن لا تلحقها هاء التأنيث اكتفاء بتأنيث ما تضاف إليه لأن الغالب في الأسماء التي ليست بصفات أن لا يُفْرَق بين مذكرها ومؤنثها بالهاء نحو حمار فلا يقال للمؤنث حمارة. و ( أيّ ) اسم ويزيد بما فيه من الإِبهام فلا يفسره إلا المضاف إليه فلذلك قال هنا ) فَأَيَّ ءَاياتتِ الله ( دون : فأيَّة آيات الله، لأن إلحاق علامة التأنيث ب ( أي ) في مثل هذا قليل، ومن غير الغالب تأنيث ( أي ) في قول الكميت :
بأي كتاب أم بأيَّةِ سُنة
تَرى حُبهم عاراً عليَّ وتَحسبُ
( ٨٢ ٨٣ )
تفريع هذا الاستفهام عقب قوله :( وَيُرِيكُم ءَاياتِهِ ( ( غافر : ٨١ )، يقتضي أنه مساوق للتفريع الذي قبله وهو ) فَأَيَّ ءَاياتتِ الله تُنكِرُونَ ( ( غافر : ٨١ ) فيقتضي أن السيْر المستفهم عنه بالإِنكار على تركه هو سير تحصل فيه آيات ودلائل على وجود الله ووحدانيته وكلا التفريعينْ متصل بقوله :( وَلِتَبلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً في صُدُورِكُم وعَلَيها وعَلَى الفُلْككِ تُحْمَلُونَ ( ( غافر : ٨٠ )، فذلك هو مناسبة الانتقال إلى التذكير بعبرة آثار الأمم التي استأصلها الله تعالى لما كذبت رُسله وجحدت آياته ونعمه.
وحصل بذلك تكرير الإنكار الذي في قوله قبل هذا :( أوَلَمْ يَسِيروا في الأرْضضِ فَيَنظُرُوا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانوا مِن قَبْلِهِم كَانُوا هم أَشَدَّ منهم قُوَّةً ( ( غافر : ٢١ ) الآية، فكان ما تقدم انتقالاً عقب آيات الإِنذار والتهديد، وكان هذا انتقالاً عقب آيات الامتنان والاستدلال، وفي كلا الانتقالين تذكير وتهديد ووعيد. وهو يشير إلى أنهم إن لم يكونوا ممن تزعهم النعم عن كفران مسديها كشأن أهل النفوس الكريمة فليكونوا ممن يردعهم الخوف من البطش كشأن أهل النفوس اللئيمة فليضعوا أنفسهم حيث يختارون من إحدى الخطتين.


الصفحة التالية
Icon