" صفحة رقم ٢٣١ "
والمراد : أن آيات القرآن واضحة الأغراض لا تلتبس إلا على مكابر في دلالة كل آية على المقصود منها، وفي مواقعها وتمييز بعضها عن بعض في المعنى باختلاف فنون المعاني التي تشتمل عليها، وقد تقدم في طالعة سورة هود.
ومن كمال تفصيله أنه كان بلغة كثيرة المعاني، واسعة الأفنان، فصيحة الألفاظ، فكانت سالمة من التباس الدلالة، وانغلاق الألفاظ، مع وفرة المعاني غير المتنافية في قلة التراكيب، فكان وصفه بأنه عربي من مكملات الإِخبار عنه بالتفصيل. وقد تكرر التنويه بالقرآن من هذه الجهة كقوله :( بلسان عربي مبين ( ( الشعراء : ١٩٥ ) ولهذا فرع عليه ذم الذين أعرضوا عنه بقوله هنا ) فَأعْرَضَ أكْثَرُهُم فَهُمْ لاَ يَسْمَعُون ( وقوله هنالك :( كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم ( ( الشعراء : ٢٠٠، ٢٠١ ).
والقرآن : الكلام المقروء المتلوّ. وكونه قُرآناً من صفات كماله، وهو أنه سهْل الحفظ، سهْل التلاوة، كما قال تعالى :( ولقد يسرنا القرآن للذكر ( ( القمر : ٢٢ ) ولذلك كان شأن الرسول ( ﷺ ) حفظ القرآن عن ظهر قلب، وكان شأن المسلمين الاقتداء به في ذلك على حسب الهمم والمَكْنَات، وكان النبي ( ﷺ ) يشير إلى تفضيل المؤمنين بما عندهم من القرآن. وكان يوم أحد يقدم في لحد شهدائه مَن كان أكثرهم أخذاً للقرآن تنبيهاً على فضل حفظ القرآن زيادة على فضل تلك الشهادة.
وانتصب ) قرآناً على النعت المقطوع للاختصاص بالمدح وإلا لكان مرفوعاً على أنه خبر ثالث أو صفة للخبر الثاني، فقوله : قرآناً ( مقصود بالذكر للإشارة إلى هذه الخصوصية التي اختص بها من بين سائر الكتب الدينية، ولولا ذلك لقال : كتاب فصّلت آياته عربي كما قال في سورة الشعراء ) بلسان عربي مبين ). ولك أن تجعله منصوباً على الحال.
وقوله :( لِقَوْممٍ يَعْلَمُونَ ( صفة ل ) قرآناً ( ظرفٌ مستقر، أي كائناً لقوم


الصفحة التالية
Icon