" صفحة رقم ٢٣٥ "
وضمير ) بيننا ( عائد إلى ما عاد إليه ضمير ) أكثرهم ( فصلت : ٤ ).
وعطف وبينك ( تأكيد لأن واو العطف مغنية عنه وأكثر استعمال ( بين ) أن يكون معطوفاً عليه مثله كقوله تعالى :( قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين ( ( الزخرف : ٣٨ ).
وقد جعل ابن مالك ( من ) الداخلة على ( قبل ) و ( بعد ) زائدة فيكون ( بَين ) مقيساً على ( قبل ) و ( بعد ) لأن الجميع ظروف. وهذا القول المحكي عنهم في القرآن ب ) قالوا ( يحتمل أن يكون القرآن حكاه عنهم بالمعنى، فجمع القرآن بإيجازه وبلاغته ما أطالوا به الجدال وأطنبوا في اللجاج، ويحتمل أنه حكاه بلفظهم فيكون مما قاله أحد بلغائهم في مجامعهم التي جمعت بينهم وبين النبي ( ﷺ ) وهذا ظاهر ما في سيرة ابن إسحاق، وزعم أنهم قالوه استهزاء وأن الله حكاه في سورة الكهف.
ويحتمل أن يكونوا تلقفوه ممّا سمعوه في القرآن من وصف قلوبهم وسمعهم وتباعدهم كقوله :( وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً ( في سورة الإسراء، فإن سورة الإسراء معدودة في النزول قبل سورة فصلت. وكذلك قوله تعالى :( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً ( في سورة الإِسراء أيضاً، فجمعوا ذلك وجادلوا به الرسول. فيكون ما في هذه الآية من البلاغة قد اقتبسوه من آيات أخرى. قيل : إن قائله أبو جهل في مجمع من قريش فلذلك أسند القول إليهم جميعاً لأنهم مشائعون له.
وقد جاء في حكاية أقوالهم ما فيه تفصيل ما يقابل ما ذُكر قبله من صفات القرآن وهي ) تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْماننِ الرَّحِيممِ كِتابٌ فُصِّلَتْ ءَاياتُهُ قُرْءَاناً عَرَبِياً ( فصلت : ٢، ٣ )، فإن كونَه تنزيلاً من الرحمن الرحيم يستدعي تفهمه والانتفاع بما فيه، فقوبل بقولهم : قُلُوبُنَا فِي أكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إليهِ ( وكونَهُ فُصلت آياته يستدعي تلقّيها والاستماعَ إليها فقوبل بقولهم :( في آذاننا وقر (، أي فلا نسمع تفصيله، وكونَه قرآناً عربياً أشد إلزاماً لهم بفهمه فقوبل ذلك بما يقطع هذه الحجة وهو ) من بيننا وبينك


الصفحة التالية
Icon