" صفحة رقم ٢٤٢ "
على أن أمراً مُهمّاً سيُلقى إليهم، وتوكيد الخبر ب ( إنَّ ) ولام الابتداء بعد الاستفهام التوبيخي أو التعجيبي استعمال وارد كثيراً في الكلام الفصيح، ليكون الإِنكار لأمر محقق، وهو هنا مبني على أنهم يحسبون أنهم مهتدون وعلى تجاهلهم الملازمةَ بين الانفراد بالخلق وبين استحقاق الإِفراد بالعبادة فأُعلموا بتوكيد أنهم يكفرون، وبتوبيخهم على ذلك، فالتوبيخ المفاد من الاستفهام مسلط على تحقيق كفرهم بالله، وذلك من البلاغة بالمكانة العليا، واحتمالُ أن يكون التوكيد مسلطاً على التوبيخ والإِنكار قلب لنظام الكلام.
ومجيء فعل ( تكفرون ) بصيغة المضارع لإِفادة أن تجدد كفرهم يوماً فيوماً مع سطوع الأدلة التي تقتضي الإِقلاع عنه أمر أحق بالتوبيخ. ومعنى الكفر به الكفر بانفراده بالإِلهية، فلما أشركوا معه آلهة كانوا واقعين في إبطال إلهيته لأن التعدد ينافي حقيقة الإِلهية فكأنهم أنكروا وجوده لأنهم لمّا أنكروا صفات ذاته فقد تصوروه على غير كنهه.
وأدمج في هذا الاستدلال بيان ابتداء خلق هذه العوالم، فمحل الاستدلال هو صلة الموصول، وأما ما تعلق بها فهو إدماج.
و ) الأرض ( : هي الكرة الأرضية بما فيها من يابس وبحار، أي خلق جِرمها. واليومان : تثنية يوم، وهو الحصة التي بين طلوع الشمس من المشرق وطلوعها ثانية. والمراد : في مدة تساوي يَومين مما عرفَه الناس بعد خَلق الأرض لأن النور والظلمة اللذان يُقدَّر اليوم بظهورهما على الأرض لم يظهرا إلا بعد خلق الأرض، وقد تقدم ذلك في سورة الأعراف.
وإنما ابتُدىء بذكر خلق الأرض لأن آثاره أظهرُ للعيان وهي في متناول الإِنسان، فلا جرم أن كانت الحجة عليهم بخلق الأرض أسبقَ نهوضاً. ولأن النعمة بما تحتوي عليه الأرض أقوى وأعمّ فيظهر قبح الكفران بخالقها أوضح وأشنع.
وعطْفُ ) وَتَجْعَلُون لَهُ أندَاداً ( على ) لتكفرون ( تفسيرٌ لكفرهم بالله. وكان


الصفحة التالية
Icon