" صفحة رقم ٢٦٠ "
دينه كما حل بعاد وأهل الجاهلية. وعامة الأمم يتوهمون النحس والبخت من نوع الطِّيرَة ومن التشاؤم والتيمّن، ومنه الزجر والعيافة عند العرب في الجاهلية ومنه تَطَلُّع الحدثَان من طوالع الكواكب والأياممِ عند معظم الأمم الجاهلة أو المختلَّة العقيدة. وكل ذلك أبطله الإسلام، أي كشف بطلانه، بما لم يسبقه تعليم من الأديان التي ظهرت قبل الإِسلام.
فمعنى وصف الأيام بالنحسات : أنها أيام سوء شديد أصابهم وهو عذاب الريح، وهي ثمانية أيام كما جاء في قوله تعالى :( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً ( ( الحاقة : ٧ )، فالمراد : أن تلك الأيام بخصوصها كانت نحساً وأن نَحْسها عليهم دون غيرهم من أهل الأرض لأن عاداً هم المقصودون بالعذاب. وليس المراد أن تلك الأيام من كل عام هي أيام نحس على البشر لأن ذلك لا يستقيم لاقتضائه أن تكون جميع الأمم حلّ بها سوء في تلك الأيام. ووُصفت تلك الأيام بأنها ) نَّحِسَاتٍ ( لأنها لم يحدث فيها إلا السوء لهم من إصابة آلام الهَشْم المحقققِ إفضاؤه إلى الموت، ومشاهدة الأموات من ذويهم، وموت أنعامهم، واقتلاع نخيلهم.
وقد اخترع أهل القصص تسمية أيام ثمانية نصفُها آخر شهر ( شُباط ) ونصفها شهر ( آذار ) تكثر فيها الرياح غالباً دَعَوها أيام الحسوم ثم ركبوا على ذلك أنها الموصوفة بحسوم في قوله تعالى في سورة الحاقة ) سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً (، فزعموا أنها الأيام الموافقة لأيام الريح التي أصابت عاداً، ثم ركَّبوا على ذلك أنها أيام نحس من كل عام وكَذَبوا على بعض السلف مثل ابن عباس أكاذيب في ذلك وذلك ضغْث على إبالة، وتفنن في أوهام الضلالة.
وجُمع ) نّحِسَاتٍ ( بالألف والتاء لأنه صفة لجمععِ غير العاقل وهو ) أَيَّامٍ ).
واللام في ) لنُذِيقَهُم ( للتعليل وهي متعلقة ب ( أرسلنا ). والإِذاقة تخييل لمكنية، شُبه العذاب بطعام هُيِّىء لهم على وجه التهكم كما سمَّى عمرو بن كلثوم الغارة قِرَى في قوله :


الصفحة التالية
Icon