" صفحة رقم ٢٦٦ "
ابتداء في اللفظ، أي أن ما بعدها جملة مستأنفة. و ) إذا ( ظرف للمستقبل متضمن معنى الشرط وهو متعلق بجوابه، و ) ما ( زائدة للتوكيد بعد ) إذَا ( تفيد توكيد معنى ) إذَا ( من الارتباط بالفعل الذي بعد ) إذا ( سواء كانت شرطية كما في هذه الآية أم كانت لمجرد الظرفية كقوله تعالى :( وإذا ما غضبوا هم يغفرون ( ( الشورى : ٣٧ ). ويظهر أن ورود ) مَا ( بعد ) إذا ( يقوّي معنى الشرط في ) إذا (، ولعلهُ يكون معنى الشرط حينئذٍ نصاً احتمالاً. وضمير المؤنث الغائب في ) جَاءُوهَا ( عائد إلى ) النَّارِ (، أي إذا وصلوا إلى جهنم.
وجملة ) شَهِدَ عَلَيهِم سَمْعُهُم وأبْصارُهُم ( الخ يقتضي كلام المفسرين أنها جواب ) إذا (، فاقتضى الارتباط بين شرطها وجوابها وتعليقها بفعل الجواب. واستشعروا أن الشهادة عليهم تكون قبل أن يوجهوا إلى النار، فقدَّروا فِعلاً محذوفاً تقديره : وسُئلوا عما كانوا يفعلون فأنكروا فشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم، يعني : سألهم خزنة النار.
وأحسنُ من ذلك أن نقول : إن جواب ) إذا ( محذوف للتهويل وحذف مثله كثير في القرآن، ويكون جملة ) شَهِدَ عَلَيهِم سَمْعُهُم ( إلى آخرها مستأنفة استئنافاً بيانياً نشأ عن مفاد ) حتى ( من الغاية لأن السائل يتطلب ماذا حصل بين حشرهم إلى النار وبين حضورهم عند النار فأجيب بأنه ) شَهِدَ عَلَيهِم سَمْعُهُم وأبْصارُهُم وَجُلُودُهُم ( إلى قوله :( الَّذِي أنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ( ويتضمن ذلك أنهم حوسبوا على أعمالهم وأنكروها فشهدت عليهم جوارحهم وأجسادهم. أو أن يكون جواب ) إذا ( قوله :( فَإِن يَصْبِرُوا فالنَّارُ مَثْوَىً لَهُم ( ( فصلت : ٢٤ ) الخ.
وجملة ) شَهِدَ عَلَيهِم سَمْعُهُم وأبْصارُهُم ( وما عطف عليها معترضة بين الشرط وجوابه. وشهادة جوارحهم وجلودهم عليهم : شهادة تكذيب وافتضاح لأن كون ذلك شهادة يقتضي أنهم لما رأوا النار اعتذروا بإنكار بعض ذنوبهم طمعاً في تخفيف


الصفحة التالية
Icon