" صفحة رقم ٢٧٨ "
أو المقصود إحداث أصوات تغمر صوت النبي ( ﷺ ) بالقرآن. ولما كان المقصود بتخلُّل أصواتهم صوتَ القارىء حتى لا يفقهه السامعون عُدّي اللغو بحرف ( في ) الظرفية لإِفادة إيقاع لغوهم في خلال صوت القارىء وُقوع المظروف في الظرف على وجه المجاز. وأدخل حرف الظرفية على اسم القرآن دون اسم شيء من أحواله مثل صوتتِ أو كلاممِ ليشمل كل ما يُخفي ألفاظ القرآن أو يشكك في معانيها أو نحو ذلك. وهذا نظَم له مكانة من البلاغة.
قال ابن عباس :( كان النبي ( ﷺ ) وهو بمكة إذا قرأ القرآن يرفع صوته فكان أبو جهل وغيره يطردون الناس عنه ويقولون لهم : لا تسمعوا له والغَواْ فيه، فكانوا يأتُون بالمُكاء والصفير والصياح وإنشاد الشعر والأراجيز وما يحضرهم من الأقوال التي يصخبون بها ). وقد ورد في ( الصحيح ) ( أنهم قالوا لمّا استمعوا إلى قراءة أبي بكر وكان رقيق القراءة : إنا نخاف أن يفتن أبناءنا ونساءنا ).
ومعنى ) لَعَلَّكُم تَغْلِبُونَ ( رجاءَ أن تغلبوا محمداً بصرف من يُتوقع أن يتبعه إذا سمع قراءته. وهذا مشعر بأنهم كانوا يجدون القرآن غالبَهم إذ كان الذين يسمعونه يُداخل قلوبهم فيؤمنون، أي فإن لم تفعلوا فهو غالبكم.
( ٢٧، ٢٨ )
دلت الفاء على أن ما بعدها مفرع عما قبلها : فإمّا أن يكون تفريعاً على آخِر ما تقدم وهو قوله :( وقَالَ الذينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهاذا القُرآن ( ( فصلت : ٢٦ ) الآية، وإمّا أن يكون مفرعاً على جميع ما تقدم ابتداء من قوله :( وقالوا قلوبنا في أكِنَّة مما تَدْعُونا إليه ( ( فصلت : ٥ ) الآية وقوله :( فَإِنْ أَعْرضُوا ( ( فصلت : ١٣ ) الآية وقوله :( ويَوْمَ نَحْشر أعداء الله إلى النَّار ( ( فصلت : ١٩ ) الآية وقوله :( وَقَيَّضْنَا لهم قُرَنَاءَ ( ( فصلت : ٢٥ ) الآية وقوله :( وقال الذين كفروا لا تسمعوا ( ( فصلت : ٢٦ ) الخ.


الصفحة التالية
Icon