" صفحة رقم ٢٨٦ "
ليتحقق المؤمنون أن بشارتهم بالجنة بشارة محب يفرح لحبيبه بالخير ويسعى ليزيده.
واعلم أن قوله :( في الحَياةِ الدُّنيا ( إشارة إلى مقابلة قوله في المشركين ) وَقَيَّضْنَا لَهُم قُرَنَاءَ ( ( فصلت : ٢٥ ) فكما قيّض للكافر قرناء في الدنيا قيّض للمؤمنين ملائكة يكونون قرناءَهم في الدنيا، وكما أنطق أتباعهم باللائمة عليهم أنطق الملائكة بالثناء على المؤمنين. وهذه الآية تقتضي أن هذا الصنف من الملائكة خاص برفقة المؤمنين وولائهم ولا حظ للكافرين فيهم، فإن كان الحفظة من خصائص المؤمنين كما نقله ابن ناجي في ( شرح الرسالة ) فمعنى ولايتهم للمؤمنين ظاهر، وإن كان الحفظة موكَّلين على المؤمنين والكافرين كما مشى عليه الجمهور وهو ظاهر قوله تعالى :( كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون ( ( الانفطار : ٩ ١٢ ) فهذا صنف من الملائكة موكّل بحفظ المؤمنين في الدنيا، وهم غير الحفظة، وقد يكون هذا الصنف من الملائكة هو المسمى بالمعقبات في قوله تعالى :( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللَّه ( حسب ما تقدم في سورة الرعد.
وقد دلت عدة آثار متفاوتة في القبول على أن الملائكة الذين لهم علاقة بالناس عموماً أو بالمؤمنين خاصة أصناف كثيرة. وعن عثمان ( أنه سأل النبي ( ﷺ ) كم من ملَك على الإِنسان، فذكر له عشرين مَلكاً ). ولعل وصف الملائكة المتنزلين بأنهم أولياء يقتضي أن عملهم مع المؤمن عمل صلاح وتأييد مثل إلهام الطاعات ومحاربة الشياطين ونحو ذلك، وبذلك تتم مقابلة تنزلهم على المؤمنين بذكر تقييض القرناء للكافرين، وهذا أحسن.
وجملة ) ولَكُم فِيهَا ما تَشْتَهِي أنفُسُكُم ( عطف على ) التي كُنتُم تُوعَدُون ( وما بينهما جملة معترضة كما بينته آنفاً.
ومعنى ) مَا تَدَّعُونَ ( : ما تتمنون. يقال : ادَّعَى، أي تمنى، وقد تقدم عند قوله تعالى :( ولهم ما يدَّعون ( في سورة يس.


الصفحة التالية
Icon